الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عمي ) العين والميم والحرف المعتل أصل واحد يدل على ستر وتغطية . من ذلك العمى : ذهاب البصر من العينين كلتيهما . والفعل منه عمي يعمى عمى . وربما قالوا اعماي يعماي اعمياء ، مثل ادهام . أخرجوه على لفظ الصحيح . رجل أعمى وامرأة عمياء . ولا يقع هذا النعت على العين الواحدة . يقال : [ ص: 134 ] عميت عيناه . في النساء عمياء وعمياوان وعمياوات . ورجل عم ، إذا كان أعمى القلب; وقوم عمون . ويقولون في هذا المعنى : ما أعماه ، ولا يقولون في عمى البصر ما أعماه; لأن ذلك نعت ظاهر يدركه البصر ، ويقولون فيما خفي من النعوت ما أفعله . قال الخليل : لأنه قبيح أن تقول للمشار إليه : ما أعماه ، والمخاطب قد شاركك في معرفة عماه .

                                                          قال : والتعمية : أن تعمي على إنسان شيئا فتلبسه عليه لبسا . وأما قول العجاج :


                                                          وبلد عامية أعماؤه

                                                          فإنه جعل عمى اسما ثم جمعه على الأعماء . ويقولون : " حبك الشيء يعمي ويصم " . ويقولون : " الحب أعمى " . وربما قالوا : أعميت الرجل إذا وجدته أعمى . قال :


                                                          فأصممت عمرا وأعميته     عن الجود والفخر يوم الفخار



                                                          وربما قالوا : العميان للعمى ، أخرجوه على مثال طغيان . ومن الباب العمية : الضلالة ، وكذلك العمية . وفي الحديث : إن الله - تعالى - قد أذهب عنكم عمية الجاهلية قالوا : أراد الكبر . وقيل : فلان في عمياء ، إذا لم يدر وجه الحق [ ص: 135 ] وقتيل عميا ، أي لم يدر من قتله . والعماية : الغواية ، وهي اللجاجة . ومن الباب العماء : السحاب الكثيف المطبق ، والقطعة منه عماءة . وقال الكسائي : هو في عماية شديدة وعماء ، أي مظلم .

                                                          وقال أهل اللغة : المعامي من الأرضين : الأغفال التي ليس بها أثر من عمارة .

                                                          ومنه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، لأكيدر : إن لنا المعامي وأغفال الأرض .

                                                          ومن الباب : العمي ، على وزن رمي ، وذلك دفع الأمواج القذى والزبد في أعاليها . وهو القياس ، لأن ذلك يغطي وجه الماء . قال :


                                                          لها زبد يعمي به الموج طاميا



                                                          والبعير إذا هدر عمى بلغامه على هامته عميا . قال :


                                                          يعمي بمثل الكرسف المسبخ



                                                          وتقول العرب . أتيته ظهرا صكة عمي ، إذا أتيته في الظهيرة . قال ابن الأعرابي : يراد حين يكاد الحر يعمي . وقال محمد بن يزيد المبرد : حين يأتي الظبي كناسه فلا يبصر من الحر . ويقال : العماء : الغبار . وينشد للمرار :


                                                          تراها تدور بغيرانها     ويهجمها بارح ذو عماء



                                                          [ ص: 136 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية