الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عرب ) العين والراء والباء أصول ثلاثة : أحدها الإنابة والإفصاح ، والآخر النشاط وطيب النفس ، والثالث فساد في جسم أو عضو .

                                                          فالأول قولهم : أعرب الرجل عن نفسه ، إذا بين وأوضح . قال رسول الله 0 صلى الله عليه وآله وسلم - : الثيب يعرب عنها لسانها ، والبكر تستأمر في نفسها [ ص: 300 ] وجاء في الحديث : " يستحب حين يعرب الصبي أن يقول لا إله إلا الله . سبع مرات " ، أي حين يبين عن نفسه . وليس هذا من إعراب الكلام . وإعراب الكلام أيضا من هذا القياس ، لأن بالإعراب يفرق بين المعاني في الفاعل والمفعول والنفي والتعجب والاستفهام ، وسائر أبواب هذا النحو من العلم .

                                                          فأما الأمة التي تسمى العرب فليس ببعيد أن يكون سميت عربا من هذا القياس لأن لسانها أعرب الألسنة ، وبيانها أجود البيان . ومما يوضح هذا الحديث الذي جاء : " إن العربية ليست بابا واحدا ، لكنها لسان ناطق " . ومما يدل على هذا أيضا قول العرب : ما بها عريب ، أي ما بها أحد ، كأنهم يريدون ، ما بها أنيس يعرب عن نفسه . قال الخليل : العرب العاربة هم الصريح . والأعاريب : جماعة الأعراب . ورجل عربي . قال : وأعرب الرجل ، إذا أفصح القول ، وهو عرباني اللسان : فصيح . وأعرب الفرس : خلصت عربيته وفاتته القرفة . والإبل العراب ، هي العربية . والعرب المستعربة هم الذين دخلوا بعد فاستعربوا وتعربوا .

                                                          والأصل الآخر : المرأة العروب : الضحاكة الطيبة النفس ، وهن العرب . قال الله - تعالى - : فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ، قال أهل التفسير : هن المتحببات إلى أزواجهن .

                                                          [ ص: 301 ] والعرب ، بسكون الراء : النشاط . قال :


                                                          والخيل تنزع عربا في أعنتها



                                                          والعرب : الأثر ، بفتح الراء . يقال منه : عرب يعرب عربا .

                                                          والأصل الثالث قولهم : [ عربت ] معدته ، إذا فسدت ، تعرب عربا . ويقال من ذلك : امرأة عروب ، أي فاسدة . أنشدنا علي بن إبراهيم القطان ، قال : أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابي :


                                                          وما خلف من أم عمران سلفع     من السود ورهاء العنان عروب



                                                          فأما يوم الجمعة فإنه يدعى العروبة ، وهو اسم عندنا موضوع على غير ما ذكرناه من القياس . ويقولون : إنه كان يسمى في الزمن القديم العروبة . وكتاب الله - تعالى - وحديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يجئ إلا بذكر الجمعة . على أنهم قد أنشدوا :


                                                          يوم العروبة أورادا بأوراد



                                                          وأنشدوا أيضا :


                                                          يا حسنه عند العزيز إذا بدا     يوم العروبة واستقر المنبر



                                                          وكل هذا عندنا مما لا يعول على صحته .

                                                          [ ص: 302 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية