الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( غمر ) الغين والميم والراء أصل صحيح ، يدل على تغطية وستر في بعض الشدة . من ذلك الغمر : الماء الكثير ، وسمي بذلك لأنه يغمر ما تحته . ثم يشتق من ذلك فيقال فرس غمر : كثير الجري ، شبه جريه في كثرته بالماء الغمر . ويقال للرجل المعطاء : غمر ، وهو غمر الرداء . قال كثير :

                                                          [ ص: 393 ]

                                                          غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا غلقت لضحكته رقاب المال



                                                          ومن الباب : الغمرة : الانهماك في الباطل واللهو . وسميت غمرة لأنها شيء يستر الحق عن عين صاحبها . وغمرات الموت : شدائده التي تغشى . وكل شدة غمرة ، سميت لأنها تغشى . قال :


                                                          الغمرات ثم ينجلينا



                                                          ومما يصحح هذا القياس الغمير ، وهو نبات أخضر يغمره اليبيس . ويقال : دخل في غمار الناس ، وهي زحمتهم ، وسميت لأن بعضا يستر بعضا . وفلان مغامر : يرمي بنفسه في الأمور ، كأنه يقع في أمور تستره ، فلا يهتدي لوجه المخلص منها . ومنه الغمر ، وهو الذي لم يجرب الأمور كأنها سترت عنه . قال :


                                                          أناة وحلما وانتظارا غدا بهم     فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر



                                                          والغمر : الحقد في الصدر ، وسمي لأن الصدر ينطوي عليه . يقال : غمر [ ص: 394 ] عليه صدره . والغمر : العطش ، وهو مشبه بالغمر الذي هو الحقد ، والجمع الأغمار . قال :


                                                          حتى إذا ما بلت الأغمارا



                                                          ومن الباب غمر اللحم ، وهو رائحته تبقى في اليد ، كأنها تغطي اليد . فأما الغمر فهو القدح الصغير ، وليس ببعيد أن يكون من قياس الباب ، كأن الماء القليل يغمره . ويجوز أن يكون شاذا عن ذلك الأصل . قال :


                                                          تكفيه حزة فلذ إن ألم بها     من الشواء ويروي شربه الغمر



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية