الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عير ) العين والياء والراء أصلان صحيحان ، يدل أحدهما على نتو الشيء وارتفاعه ، والآخر على مجيء وذهاب .

                                                          فالأول العير ، وهو العظم الناتئ وسط الكتف ، والجمع عيورة . وعير النصل : حرف في وسطه كأنه شظية . وقال :


                                                          فصادف سهمه أحجار قف كسرن العير منه والغرارا



                                                          والغرار : الحد . والعير في القدم : العظم الناتئ في ظهر القدم . وحكي عن الخليل : العير : سيد القوم . وهذا إن كان صحيحا فهو القياس ، وذلك أنه أرفعهم منزلة وأنتأ . قال : ولو رأيت في صخرة نتوءا ، أي حرفا ناتئا خلقة ، كان ذلك عيرا .

                                                          والأصل الآخر العير : الحمار الوحشي والأهلي ، والجمع الأعيار والمعيوراء . وإنما سمي عيرا لتردده ومجيئه وذهابه . قال الخليل : وكلمات جاءت في الجمع عن العرب [ ص: 192 ] في مفعولاء : المعيوراء ، والمعلوجاء ، والمشيوخاء . قال : ويقولون مشيخة على مفعلة . ولم يقولوا مثله في شيء من الجمع . ومما جاء من الأمثال في العير : " إذا ذهب عير فعير في الرباط " . وإنسان العين عير ، يسمى لما قلناه من مجيئه وذهابه واضطرابه . وقال الخليل : في أمثالهم : " جاء فلان قبل عير وما جرى " يريدون به السرعة ، أي قبل لحظ العين . وأنشد لتأبط شرا :


                                                          ونار قد حضأت بعيد هدء     بدار ما أريد بها مقاما
                                                          سوى تحليل راحلة وعير     أغالبه مخافة أن يناما



                                                          وقال الحارث بن حلزة :


                                                          زعموا أن كل من ضرب العي     ر موال لنا وأنى الولاء



                                                          أي أن كل من طرف جفن [ له ] على عير ، وهو إنسان العين . والعيار : فعل الفرس العائر . يقال : عار يعير ، وهو ذهابه كأنه متفلت من صاحبه يتردد . وقصيدة عائرة : سائرة . وما قالت العرب بيتا أعير من قوله :


                                                          فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره     ومن يغو لا يعدم على الغي لائما



                                                          يعني بيتا أسير .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية