الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عرف ) العين والراء والفاء أصلان صحيحان ، يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض ، والآخر على السكون والطمأنينة .

                                                          فالأول العرف : عرف الفرس . وسمي بذلك لتتابع الشعر عليه . ويقال : جاءت القطا عرفا عرفا ، أي بعضها خلف بعض .

                                                          ومن الباب : العرفة وجمعها عرف ، وهي أرض منقادة مرتفعة بين سهلتين تنبت ، كأنها عرف فرس . ومن الشعر في ذلك . . .

                                                          والأصل الآخر المعرفة والعرفان . تقول : عرف فلان فلانا عرفانا ومعرفة . وهذا أمر معروف . وهذا يدل على ما قلناه من سكونه إليه ، لأن من أنكر شيئا توحش منه ونبا عنه .

                                                          ومن الباب العرف ، وهي الرائحة الطيبة . وهي القياس ، لأن النفس تسكن إليها . يقال : ما أطيب عرفه . قال الله - سبحانه وتعالى - : ويدخلهم الجنة عرفها لهم ، أي طيبها . قال :


                                                          ألا رب يوم قد لهوت وليلة بواضحة الخدين طيبة العرف

                                                          والعرف : المعروف ، وسمي بذلك لأن النفوس تسكن إليه . قال النابغة :


                                                          أبى الله إلا عدله ووفاءه     فلا النكر معروف ولا العرف ضائع

                                                          [ ص: 282 ] فأما العريف فقال الخليل : هو القيم بأمر قوم قد عرف عليهم . قال : وإنما سمي عريفا لأنه عرف بذلك . ويقال بل العرافة كالولاية ، وكأنه سمي بذلك ليعرف أحوالهم .

                                                          وأما عرفات فقال قوم : سميت بذلك لأن آدم وحواء - عليهما السلام - تعارفا بها . وقال آخرون . بل سميت بذلك لأن جبريل - عليه السلام - لما علم إبراهيم - عليه السلام - مناسك الحج قال له : أعرفت ؟ وقال قوم : بل سميت بذلك لأنه مكان مقدس معظم ، كأنه قد عرف ، كما ذكرنا في قوله تعالى : ويدخلهم الجنة عرفها لهم . والوقوف بعرفات تعريف . والتعريف : تعريف الضالة واللقطة ، أن يقول : من يعرف هذا ؟ ويقال : اعترف بالشيء ، إذا أقر ، كأنه عرفه فأقر به . ويقال : النفس عروف ، إذا حملت على أمر فباءت به أي اطمأنت . وقال :


                                                          فآبوا بالنساء مردفات     عوارف بعد كن واتجاح



                                                          من الوجاح ، وهو الستر .

                                                          والعارف : الصابر ، يقال أصابته مصيبة فوجد عروفا ، أي صابرا . قال النابغة :


                                                          على عارفات للطعان عوابس     بهن كلوم بين دام وجالب



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية