الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عز ) العين والزاء أصل صحيح واحد ، يدل على شدة وقوة وما ضاهاهما ، من غلبة وقهر . قال الخليل : " العزة لله جل ثناؤه ، وهو من العزيز . ويقال : عز الشيء حتى يكاد لا يوجد " . وهذا وإن كان صحيحا فهو بلفظ آخر أحسن ، فيقال : هذا الذي لا يكاد يقدر عليه . ويقال عز الرجل بعد ضعف وأعززته أنا : جعلته عزيزا . واعتز بي وتعزز . قال : ويقال عزه [ ص: 39 ] على أمر يعزه ، إذا غلبه على أمره . وفي المثل : " من عز بز " ، أي من غلب سلب . ويقولون : " إذا عز أخوك فهن " ، أي إذا عاسرك فياسره . والمعازة : المغالبة . تقول : عازني فلان عزازا ومعازة فعززته : أي غالبني فغلبته . وقال الشاعر يصف الشيب والشباب :


                                                          ولما رأيت النسر عز ابن دأية وعشش في وكريه جاشت له نفسي



                                                          قال الفراء : يقال عززت عليه فأنا أعز عزا وعزازة ، وأعززته : قويته ، وعززته أيضا . قال الله - تعالى - : فعززنا بثالث . قال الخليل : تقول : أعززت بما أصاب فلانا ، أي عظم علي واشتد .

                                                          ومن الباب : ناقة عزوز ، إذا كانت ضيقة الإحليل لا تدر إلا بجهد . يقال : قد تعززت عزازة . وفي المثل : " إنما هو عنز عزوز لها در جم " . يضرب للبخيل الموسر . قال : ويقال عزت الشاة تعز عزوزا ، وعززت أيضا عززا فهي عزوز ، والجمع عزز . ويقال استعز على المريض ، إذا اشتد مرضه . قال الأصمعي : رجل معزاز ، إذا كان شديد المرض; واستعز به المرض . وفي الحديث : " أن النبي - عليه الصلاة والسلام - لما قدم المدينة نزل على كلثوم بن الهدم وهو شاك ، فأقام عنده ثلاثا ، ثم استعز بكلثوم - أي مات - فانتقل إلى سعد [ ص: 40 ] ابن خيثمة " . ورجل معزوز ، أي اجتيح ماله وأخذ . ويقال استعز عليه الشيطان ، أي غلب عليه وعلى عقله . واستعز عليه الأمر ، إذا لج فيه . قال الخليل : العزازة : أرض صلبة ليست بذات حجارة ، لا يعلوها الماء . قال :


                                                          من الصفا العاسي ويدعسن الغدر     عزازه ويهتمرن ما انهمر



                                                          ويقال العزاز : نحو من الجهاد ، أرض غليظة لا تكاد تنبت وإن مطرت ، وهي في الاستواء . قال أبو حاتم : ثم اشتق العزاز من الأرض من قولهم : تعزز لحم الناقة ، إذا صلب واشتد .

                                                          قال الزهري : كنت أختلف إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أكتب عنه ، فكنت أقوم له إذا دخل أو خرج ، وأسوي عليه ثيابه إذا ركب ، ثم ظننت أني قد استفرغت ما عنده ، فخرج يوما فلم أقم إليه ، فقال لي : " إنك بعد في العزاز فقم " ، أراد : إنك في أوائل العلم والأطراف ، ولم تبلغ الأوساط . قال أبو حاتم : وذلك أن العزاز تكون في أطراف الأرض وجوانبها ، فإذا توسطت صرت في السهولة .

                                                          قال أبو زيد : أعززنا : صرنا في العزاز . قال الفراء ، أرض عزاء للصلبة ، مثل العزاز . ويقال استعز الرمل وغيره ، إذا تماسك فلم ينهل . وقال رؤبة :

                                                          [ ص: 41 ]

                                                          بات إلى أرطاة حقف أحقفا     متخذا منها إيادا هدفا
                                                          إذا رأى استعزازه تعففا



                                                          ومن الباب : العزاء : السنة الشديدة . قال :


                                                          ويعبط الكوم في العزاء إن طرقا



                                                          والعز من المطر : الكثير الشديد; وأرض معزوزة ، إذا أصابها ذلك . أبو عمرو : عز المطر عزازة . قال ابن الأعرابي : يقال أصابنا عز من المطر ، إذا كان شديدا . قال : ولا يقال في السيل . قال الخليل : عزز المطر الأرض : لبدها ، تعزيزا . ويقال إن العزازة دفعة تدفع في الوادي قيد رمح . قال ابن السكيت : مطر عز ، أي شديد . قال : ويقال هذا سيل عز ، وهو السيل الغالب .

                                                          ومن الباب : العزيزاء من الفرس : ما بين عكوته وجاعرته . قال ثعلبة الأسدي :


                                                          أمرت عزيزاه ونيطت كرومه     إلى كفل راب وصلب موثق


                                                          الكروم : جمع كرمة ، وهي رأس الفخذ المستدير كأنه جونة . والعزيزاء ممدود ، ولعل الشاعر قصرها للشعر ، والدليل على أنها ممدودة قولهم في التثنية [ ص: 42 ] عزيزاوان . ويقال هما طرفا الورك . والعزى : تأنيث الأعز ، والجمع عزز . ويقال العزان : جمع عزيز ، والذلان : جمع ذليل . يقال أتاك العزان . ويقولون : " أعز من بيض الأنوق " ، و " أعز من الأبلق العقوق " ، و " أعز من الغراب الأعصم " و " أعز من مخة البعوض " . وقال الفراء : يقال عز علي كذا ، أي اشتد . ويقولون : أتحبني ؟ فيقول : لعز ما ، أي لشد ما .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية