فالأول ما ذكره الخليل أن عتر كل شيء : نصابه . قال : وعترة المسحاة : خشبتها التي تسمى يد المسحاة . قال : ومن ثم قيل : عترة فلان ، أي منصبه . وقال أيضا : هم أقرباؤه ، من ولده وولد ولده وبني عمه . هذا قول الخليل في اشتقاق العترة ، وذكر غيره أن القياس في العترة ما نذكره من بعد .
والأصل الثاني : العتر ، قال قوم : هو الذي يقال له : المرزنجوش . قال : وهو لا ينبت إلا متفرقا . قال : وقياس عترة الإنسان من هذا ، لأنهم أقرباؤه متفرقي الأنساب ، هذا من أبيه وهذا من نسله كولده . وأنشد في العتر :
[ ص: 218 ]
فما كنت أخشى أن أقيم خلافهم لستة أبيات كما ينبت العتر
فهذا يدل على التفرق ، وهو وجه جميل في قياس العترة .
ومما يشبهه عتر المسك ، وهي حصاة تكون متفرقة فيه . ولعل عتر المسك أن تكون عربية صحيحة فإنها غير بعيدة مما ذكرناه ، ولم نسمعها من عالم .
ومن هذا الأصل قولهم : عتر الرمح فهو يعتر عترا وعترانا ، إذا اضطرب وترأد في اهتزاز . قال :
وكل خطي إذا هز عتر
وإنما قلنا إنه من الباب لأنه إذا هز خيل أنه تتفرق أجزاؤه . وهذا مشاهد ، فإن صح ما تأولناه وإلا فهو من باب الإبدال يكون من عسل ، وتكون التاء بدلا من السين والراء بدلا من اللام .
ومما يصلح حمله على هذا : العتيرة; لأن دمها يعتر ، أي يسال حتى يتفرق . قال الخليل : العاتر : الذي يعتر شاة فيذبحها ، كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ، يذبحها ثم يصب دمها على رأس الصنم ، فتلك الشاة هي العتيرة والمعتورة ، والجمع عتائر . وكان بعضهم يقول : العتير هو الصنم الذي تعتر له العتائر في رجب . وأنشد لزهير :
[ ص: 219 ]
فزل عنها وأوفى رأس مرقبة كمنصب العتر دمى رأسه النسك
فإن كان صحيحا هذا فهو من الباب الأول ، وقد أفصح الشاعر بقياسه حيث قال :
كمنصب العتر دمى رأسه النسك