فالأول الرجل الذي لا يفصح ، هو أعجم ، والمرأة عجماء بينة العجمة . قال أبو النجم :
[ ص: 240 ]
أعجم في آذانها فصيحا
ويقال عجم الرجل ، إذ صار أعجم ، مثل سمر وأدم . ويقال للصبي ما دام لا يتكلم لا يفصح : صبي أعجم . ويقال : صلاة النهار عجماء ، إنما أراد أنه لا يجهر فيها بالقراءة . وقولهم : العجم الذين ليسوا من العرب ، فهذا من هذا القياس كأنهم لما لم يفهموا عنهم سموهم عجما ، ويقال لهم عجم أيضا . قال :
ديار مية إذ مي تساعفنا ولا يرى مثلها عجم ولا عرب
ويقولون : استعجمت الدار عن جواب السائل . قال :
صم صداها وعفا رسمها واستعجمت عن منطق السائل
ويقال : الأعجمي : الذي لا يفصح وإن كان نازلا بالبادية . وهذا عندنا غلط ، وما نعلم أحدا سمى أحدا من سكان البادية أعجميا ، كما لا يسمونه عجميا ، ولعل صاحب هذا القول أراد الأعجم فقال الأعجمي . قال : يقال : بعير أعجم ، إذا كان لا يهدر . والعجماء : البهيمة ، وسميت عجماء لأنها لا تتكلم ، وكذلك كل من لم يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم . وفي الحديث : الأصمعي ، تراد البهيمة . جرح العجماء جبار
قال الخليل : حروف المعجم مخفف ، هي الحروف المقطعة ، لأنها أعجمية . وكتاب معجم ، وتعجيمه : تنقيطه كي تستبين عجمته ويضح . وأظن أن الخليل أراد بالأعجمية أنها ما دامت مقطعة غير مؤلفة تأليف الكلام المفهوم ، فهي [ ص: 241 ] أعجمية; لأنها لا تدل على شيء . فإن كان هذا أراد فله وجه ، وإلا فما أدري أي شيء أراد بالأعجمية . والذي عندنا في ذلك أنه أريد بحروف المعجم حروف الخط المعجم ، وهو الخط العربي ، لأنا لا نعلم خطا من الخطوط يعجم هذا الإعجام حتى يدل على المعاني الكثيرة . فأما إعجام الخط بالأشكال فهو عندنا يدخل في باب العض على الشيء لأنه فيه ، فسمي إعجاما لأنه تأثير فيه يدل على المعنى .
فأما قول القائل :
يريد أن يعربه فيعجمه
فإنما هو من الباب الذي ذكرناه . ومعناه : يريد أن يبين عنه فلا يقدر على ذلك ، فيأتي به غير فصيح دال على المعنى . وليس ذلك من إعجام الخط في شيء .