فالأول : الغرار : المثال الذي يطبع عليه السهام . ويقال : ولدت فلانة أولادها على غرار واحد ، أي جاءت بهم واحدا بعد واحد على مثال واحد . وأصل
هذا الغر ، وهو الكسر في الثوب . يقال : اطو الثوب على غره ، أي كسره ومثاله الأول . والغرة : سنة الإنسان ، وهي وجهه ، ثم يعبر عن الجسم كله به . [ ص: 381 ] من ذلك : " " ، أي عليه في ديته نسمة : عبد أو أمة . قال : في الجنين غرة : عبد أو أمة
كل قتيل في كليب غره حتى ينال القتل آل مره
ومن الباب : الغرير ، وهو الضمين ، يقال : أنا غريرك من فلان ، أي كفيلك . وإنما سمي غريرا لأنه مثال المضمون عنه ، يؤخذ بالمال مثل ما يؤخذ المضمون عنه . ومحتمل أن يكون غرار السيف ، وهو حده ، من هذا . وكل شيء له حد فحده غرار ; لأنه شيء إليه انتهى طبع السيف ومثاله .
وأما النقصان فيقال : غارت الناقة تغار غرارا ، إذا نقص لبنها . وفي الحديث : . فالغرار في الصلاة : ألا يتم ركوعها أو سجودها . والغرار في السلام : أن يقول السلام عليك ، أو يرد فيقول : وعليك . ومنه الغرار ، وهو النوم القليل . قال الشاعر : لا غرار في صلاة ولا تسليم
إن الرزية من ثقيف هالك ترك العيون فنومهن غرار
وقال جرير :
ما بال نومك في الفراش غرارا لو كان قلبك يستطيع لطارا
ومن الباب : بيع الغرر ، وهو الخطر الذي لا يدرى أيكون أم لا ، كبيع العبد الآبق ، والطائر في الهواء . فهذا ناقص لا يتم البيع فيه أبدا . وغر الطائر فرخه ، إذا زقه ، وذلك لقلته ونقصان ما معه .
[ ص: 382 ] والأصل الثالث : الغرة . وغرة كل شيء : أكرمه . والغرة : البياض . وكل أبيض أغر . ويقال لثلاث ليال من أول الشهر غرة .
ومن الباب : الغرير ، وهو الخلق الحسن . يقولون للشيخ : أدبر غريره وأقبل هريره .
ومما يقارب هذا : الغرارة ، وهي كالغفلة ، وذلك أنها من كرم الخلق ، قد تكون في كل كريم . فأما المذموم من ذلك فهو من الأصل الذي قبل هذا ; لأنه من نقصان الفطنة .
ومما شذ عن هذه الأصول إن صح ، شيء ذكره الشيباني : أن الغرغر : دجاج الحبش ، واحدتها غرغرة . وأنشد :
ألفهم بالسيف من كل جانب كما لفت العقبان حجلى وغرغرا