أما بعد : فقد قال صلى الله عليه وسلم : . طلب الحلال فريضة على كل مسلم
، رواه رضي الله عنه وهذه الفريضة من بين سائر الفرائض أعصاها على العقول فهما وأثقلها على الجوارح فعلا ولذلك اندرس بالكلية علما وعملا وصار غموض علمه سببا لاندراس عمله إذ ظن الجهال أن الحلال مفقود وأن السبيل دون الوصول إليه مسدود وأنه لم يبق من الطيبات إلا الماء الفرات والحشيش النابت في الموات وما عداه فقد أخبثته الأيدي العادية وأفسدته المعاملات الفاسدة وإذا تعذرت القناعة بالحشيش من النبات لم يبق وجه سوى الاتساع في المحرمات فرفضوا هذا القطب من الدين أصلا ولم يدركوا بين الأموال فرقا وفصلا ، وهيهات هيهات ، فالحلال بين والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات ولا تزال هذه الثلاثة مقترنات كيفما تقلبت الحالات . ابن مسعود
ولما كانت هذه بدعة عم في الدين ضررها واستطار في الخلق شررها وجب كشف الغطاء عن فسادها بالإرشاد إلى مدرك الفرق بين الحلال والحرام والشبهة على وجه التحقيق والبيان ، ولا يخرجه التضييق عن حيز الإمكان .
ونحن نوضح ذلك في سبعة أبواب .
الباب الأول في فضيلة طلب الحلال ومذمة الحرام ودرجات الحلال والحرام .
الباب الثاني : في مراتب الشبهات ومثاراتها وتمييزها عن الحلال والحرام .
، الباب الثالث في البحث والسؤال والهجوم والإهمال ومظانها في الحلال والحرام .
الباب الرابع في كيفية خروج التائب عن المظالم المالية .
الباب الخامس في إدرارات السلاطين وصلاتهم وما يحل منها وما يحرم .
الباب السادس في الدخول على السلاطين ومخالطتهم .
الباب السابع في مسائل متفرقة .