الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرخصة السابعة الفطر وهو في الصوم .

فللمسافر أن يفطر إلا إذا أصبح مقيما ثم سافر فعليه إتمام ذلك اليوم .

وإن أصبح مسافرا صائما ثم أقام فعليه الإتمام .

وإن أقام مفطر فليس عليه الإمساك بقية النهار .

وإن أصبح مسافرا على عزم الصوم لم يلزمه بل له أن يفطر إذا أراد والصوم أفضل من الفطر .

والقصر أفضل من الإتمام للخروج عن شبهة الخلاف ولأنه ليس في عهدة القضاء بخلاف المفطر فإنه في عهدة القضاء ، وربما يتعذر عليه ذلك بعائق فيبقى في ذمته إلا إذا كان الصوم يضر به فالإفطار أفضل .

فهذه سبع رخص تتعلق ثلاث منها بالسفر الطويل وهى القصر والفطر والمسح ثلاثة أيام .

وتتعلق اثنتان منها بالسفر طويلا كان أو قصيرا وهما ، سقوط الجمعة وسقوط القضاء عند أداء الصلاة بالتيمم .

وأما صلاة النافلة ماشيا وراكبا ففيه خلاف والأصح جوازه في القصر .

، والجمع بين الصلاتين فيه خلاف والأظهر اختصاصه بالطويل .

وأما صلاة الفرض راكبا وماشيا للخوف فلا تتعلق بالسفر وكذا أكل الميتة وكذا أداء الصلاة في الحال بالتيمم عند فقد الماء بل يشترك فيها الحضر والسفر مهما وجدت أسبابها .

التالي السابق


(الرخصة السابعة الفطر)

وهو في الصوم، فللمسافر أن يفطر فقد رخص الله له ذلك (إلا إذا أصبح مقيما) أي: عازما على الإقامة (ثم سافر فعليه إتمام ذلك اليوم وإن أصبح مسافرا صائما ثم أقام) أي: بدا له الإقامة (فعليه الإتمام) لصومه، (وإن أقام مفطرا فليس عليه الإمساك بقية النهار وإن أصبح مسافرا) وهو (على عزم الصوم لم يلزمه) الصوم، (بل له أن يفطر إذا أراد والصوم أفضل) أي: صوم رمضان في السفر لمن أطاقه أفضل من الإفطار على المذهب، (والقصر أفضل من الإتمام) على المذهب، وبه قال مالك وأحمد (للخروج عن شبهة الخلاف) ، فإن أبا حنيفة قال: هو عزيمة وقد شدد فيه حتى قال ببطلان صلاة من صلى أربعا ولا يجلس بعد الركعتين، ويروى عن مالك أيضا أنه عزيمة، فهذا قول، وعلى الثاني الإتمام أفضل، وفي وجه هما سواء، (ولأنه ليس في عهدة القضاء بخلاف المفطر فإنه في عهدة القضاء، وربما يتعذر عليه ذلك بعائق) يمنعه (فيبقى في ذمته إلا إذا كان الصوم يضر به) أي: ببدنه أو عقله، (فالإفطار أفضل) ، ولذلك قلنا بأفضلية الصوم لمن أطاقه، واستثنى الأصحاب صورا من الخلاف:

منها: إذا كان السفر دون ثلاثة أيام فالإتمام أفضل قطعا نص عليه .

ومنها: أن يجد من نفسه كراهة القصر فيكاد يكون رغبة عن السنة، فالقصر لهذا أفضل قطعا بل يكره له الإتمام إلى أن تزول تلك الكراهة، وكذلك القول في جميع الرخص في هذه الحالة .

ومنها: الملاح الذي يسافر في البحر ومعه أهله وأولاده في سفينة فالأفضل له الإتمام، نص عليه في الأم، وفيه خروج من الخلاف، فإن أحمد لا يجوز له القصر .

(فهذه سبع رخص) شريعة (ثلاث منها) تتعلق (بالسفر الطويل وهو القصر والفطر والمسح) على الخف (ثلاثة أيام، وتتعلق اثنان بالسفر طويلا كان أو قصيرا، وهو سقوط الجمعة وسقوط القضاء عند أداء الصلاة بالتيمم) على الصحيح، (وأما صلاة النافلة ماشيا وراكبا ففيه خلاف والأصح جوازه في) السفر (القصر، والجمع بين الصلاتين فيه خلاف والأظهر اختصاصه بالطويل) ولذا عده الرافعي والنووي في الرخص المتعلقة بالطويل فهي أربعة والثلاثة ذكرها المصنف قريبا .

(وأما صلاة الفرض ماشيا وراكبا للخوف) أي: لأجل الخوف (فلا يتعلق بالسفر وكذا أكل الميتة) عند الاضطرار ليس مختصا بالسفر، (وكذا أداء الصلاة في حال التيمم عند فقد الماء) وإسقاط الفرض به على الصحيح، (بل يشترط فيها الحضر والسفر مهما وجدت أسبابها) قال النووي: وترك الجمع أفضل بلا خلاف فيصلي كل صلاة في وقتها للخروج من الخلاف، فإن أبا حنيفة وجماعة من التابعين لا يجوزونه، وممن نص على أن تركه أفضل المصنف وصاحب التتمة. قال المصنف في البسيط: لا خلاف أن ترك الجمع أفضل، قال [ ص: 438 ] الأصحاب: وإذا جمع كانت الصلاتان أداء سواء جمع في وقت الأولى أو الثانية. وفي وجه شاذ في الوسيط وغيره أن المؤخرة تكون قضاء، وغسل الرجل أفضل من مسح الخف إلا إذا تركه رغبة عن السنة أو شكا في جوازه .

ومن فروع هذا الباب: لو نوى الكافر أو الصبي السفر إلى مسافة القصر ثم أسلم وبلغ في أثناء الطريق، فلهما القصر في بقيته، ولو نوى مسافران إقامة أربعة أيام وأحدهما يعتقد انقطاع القصر كالشافعي، والآخر لا يعتقده كالحنفي كره للأول أن يقتدي بالثاني، فإن اقتدى صح فإذا سلم الإمام من ركعتين قام المأموم لإتمام صلاته، والله أعلم .




الخدمات العلمية