الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال صلى الله عليه وسلم : أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح .

وهو في معنى قوله أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عمن ظلمك .

وروي أن عمر ( رضي الله عنه كتب إلى عماله مروا الأقارب أن يتزاوروا ولا يتجاوروا وإنما قال ذلك لأن التجاور يورث التزاحم على الحقوق وربما يورث الوحشة وقطيعة الرحم .

التالي السابق


(وقال -صلى الله عليه وسلم-: أفضل الصدقة) الصدقة (على ذي الرحم الكاشح) وهو الذي يضمر العداوة ويطوي عليها كشحه أو الذي يطوي عليك كشحه ولا يألفك وإنما كان أفضل لما فيه من قهر النفس للإذعان لمعاديها .

قال العراقي: رواه أحمد والطبراني من حديث أبي أيوب وفيه الحجاج بن أرطاة ورواه البيهقي من حديث أم كلثوم بنت عقبة اهـ .

قلت: والحجاج ابن أرطاة حاله معروف، ورواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند وابن شاهين والطبراني في الكبير وابن منده وابن الأثير كلهم من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن أيوب بن بشير عن حكيم بن حزام.

قال الحافظ في الإصابة وهو معلول، ووجد في نسخ الجامع للجلال عزو حديث حكيم بن حزام إلى تخريج أحمد والطبراني، وقال الهيثمي: إن سنده حسن، وعن ابن طاهر أنه صحيح وأقره الحافظ .

وأخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري.

وأخرجه الطبراني في الكبير والحاكم من حديث أم كلثوم ورجال الطبراني رجال الصحيح، قاله الهيثمي، وقال الحاكم: هو على شرط مسلم وأقره الذهبي (وهو [ ص: 313 ] في معنى قوله) -صلى الله عليه وسلم- (أفضل الفضائل) جمع فضيلة، وهي الخصلة الجميلة التي يحصل لصاحبها بسببها شرف وعلو منزلة عند الحق أو الخلق، والثاني لا عبرة به إلا أن أوصل إلى الأول (أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك) أي: منعك لما فيها من المشقة في مجاهدة النفس وإرغامها، ومكابدة الطبع أميله إلى المؤاخذة والانتقام (وتصفح عمن ظلمك) لأن ذلك أشق على النفس من سائر العبادات الشاقة فكان أفضل فالعفو عمن ظلمك نهاية الحلم والشجاعة وإعطاء من حرمك غاية الجود ووصل من قطعك نهاية الإحسان .

وقال العراقي: رواه أحمد من حديث معاذ بن أنس بسند ضعيف وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة، وقد تقدم. انتهى .

قلت: رواه كذلك الطبراني في الكبير، قال المنذري: فيه زيان بن فائد وهو ضعيف قلت: وسهل بن معاذ راويه ضعفه ابن معين.

(وروي أن عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنه- كتب إلى عماله) في أطراف البلاد (مروا الأقارب أن يتزاوروا) أي: يزور بعضهم بعضا غبا؛ فإن ذلك يورث الألفة (ولا يتجاوروا) أي: لا يساكنوا في محل واحد (وإنما قال ذلك لأن التجاور يوجب التزاحم على الحقوق وربما يورث الوحشة و) ترفع الحرمة والهيبة فيفضي إلى (قطيعة الرحم) والتدابر .




الخدمات العلمية