الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال صلى الله عليه وسلم : إني لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي إنما أخاف عليكم أن تنافسوا وإنما خاف التنافس في المآل .

ولذلك قال عمر رضي الله عنه في حديث طويل يذكر فيه مال بيت المال : إني لم أجد نفسي فيه إلا كالوالي مال اليتيم إن استغنيت استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف .

وروي أن ابنا لطاوس افتعل كتابا عن لسانه إلى عمر بن عبد العزيز فأعطاه ثلثمائة دينار فباع طاوس ضيعة له وبعث من ثمنها إلى عمر بثلثمائة دينار هذا مع أن السلطان ليس مثل عمر بن عبد العزيز .

فهذه الدرجة العليا في الورع .

التالي السابق


(وقال صلى الله عليه وسلم: إني لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا ) .

قال العراقي : متفق عليه من حديث عقبة بن عامر ، اهـ .

قلت: هو في تاريخ من دخل مصر من الصحابة لمحمد بن الربيع الجيزي قال: حدثنا الربيع بن [ ص: 116 ] سليمان المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا يزيد بن حبيب عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر فقال: "إني بين أيديكم فرط، وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه وأنا في مقامي، وإن عرضه لكما بين أيلة والجحفة ، وإني أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا، وأنا في مقامي فإني لست أخاف عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها" ، وفي لفظ: "وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها" ، وفي لفظ آخر: "وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني رأيت أني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، فأخاف عليكم أن تنافسوا فيها" .

(وإنما أخاف التنافس في المال ) هذا على رواية المصنف، ومن علم سياق الحديث ظهر له مرجع الضمير، (وكذلك قال عمر رضي الله عنه في حديث طويل يذكر فيه مال بيت المال: إني لم أجد نفسي فيه إلا كوالي مال اليتيم إن استعففت) عنه، (وإن افتقرت أكلت بالمعروف) ، أخرجه ابن سعد في الطبقات، (وروي أن ابنا لطاووس ) هو عبد الله بن طاوس أبو محمد ، قال النسائي : ثقة، وكان أعلم الناس بالعربية وأحسنهم وجها، مات سنة اثنين وثلاثين ومائة، روى له الجماعة، والده طاوس بن كيسان اليماني أبو عبد الرحمن الحميري مولاهم من أبناء الفرس ، كان ينزل الجند، واسمه ذكوان ، وطاووس لقب، وروي عن ابن معين قال سمي طاووسا لأنه كان طاووس القراء ولفظ القوت أبو بكر المروزي ، قلت لأبي عبد الله : كان طاوس لا يشرب في طريق مكة من الآبار القديمة؟ قال: نعم، قد بلغني هذا عنه، قال: وطاوس كان اسمه، لقد (افتعل) ابنه (كتابا على لسانه إلى عمر بن عبد العزيز فأعطاه ثلاثمائة دينار فباع طاووس ضيعة له) أي: باليمن ، (فبعث من ثمنها إلى عمر بثلاثمائة دينار) ، ولفظ القوت: فبعث بها عمر ، (وهذا مع أن السلطان مثل عمر بن عبد العزيز ) وناهيك به زهدا وورعا، (فهذه هي الدرجة العليا في الورع) .




الخدمات العلمية