الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال لم يزل الحجازيون عندنا بمكة يسمعون السماع في أفضل أيام السنة وهي الأيام المعدودات التي أمر الله عباده فيها بذكره كأيام التشريق ولم يزل أهل المدينة مواظبين كأهل مكة على السماع إلى زماننا هذا فأدركنا أبا مروان القاضي وله جوار يسمعن الناس التلحين قد أعدهن للصوفية قال وكان لعطاء جاريتان يلحنان فكان إخوانه يستمعون إليهما .

التالي السابق


قال المصنف: (وقال) يعني أبا طالب المكي في القوت (ولم يزل الحجازيون عندنا بمكة يسمعون السماع في أفضل أيام السنة وهي الأيام المعدودات) والمعلومات في كتاب الحج (ولم يزل أهل المدينة مواظبين كأهل مكة على السماع إلى زماننا هذا) ، وقد تقدم في ترجمة إبراهيم بن سعد أنه قال للرشيد وما أدركت أحدا إلا وهو ينشد شيئا إلا ابن أبي لبيد فإنه كان يقول لا آمر به ولا أنهى عنه لأني لا أدري أحق هو أم باطل، وأما نحن يا أمير المؤمنين فربما أعددناه في الحسنات، قلت: ابن أبي لبيد هذا هو عبد الله ابن أبي لبيد أبو المغيرة المدني روى عن أبي سلمة والمطلب بن عبد الله، وعنه السفيانان ثقة، روى له البخاري مقرونا بغيره، والباقون سوى الترمذي (فأدركا أبا مروان القاضي وله جوار يسمعن التلحين قد أعدهن للصوفية) هو محمد بن عثمان بن خالد بن عمر بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان العثماني المدني نزيل بمكة، روى عن أبيه وعن إبراهيم بن سعد وجماعة وعنه ابن ماجه والفريابي ومحمد بن يحيى بن منده ومحمد بن أحمد بن عوف وخلق، وثقه أبو حاتم مات سنة 241. [ ص: 466 ] ووالده عثمان روى عن مالك وهو متروك الحديث (قال) صاحب القوت (وكان لعطاء) يعني ابن أبي رباح (جاريتان تلحنان وكان إخوانه يستمعون إليهما) ، وقد نقل هذا الكلام الشهاب السهروردي في العوارف عن الشيخ أبي طالب المكي قال: وعندي اجتناب ذلك هو الصواب، وهذا لا يسلم إلا بشرط طهارة القلب وغض البصر والوفاء بشرط قوله تعالى: يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . اهـ .

ونقله أيضا الكمال الأدفوي في الامتناع وقال: وهذا وإن صدر من هؤلاء فهو محمول على من يوثق به وبدينه وجرب وصح، وإلا فقد قال الشافعي -رحمه الله تعالى- ما يقتضي ذم ذلك إذا قصد، وقال: من اتخذ غلاما أو جارية يدعو الناس إليهما ليستمعوا منها فهو سفيه، وفي الجارية سفه ودناءة، وما نقل عن عطاء في ذلك فهو محمول على ما ذكرناه وعند جماعة من الشافعية أنه إذا كان إخوانه يأتون إليه لا لأجل سماع جاريته فيسمعونها عنده أنه يجوز على تفصيل مذكور في رد الشهادة، وقد نقل عن الشافعي وغيره ما يقتضي أن سماع الجواري وإن لم تكن له جائز، وقد قدمنا بحث الماوردي فيه وكلام إبراهيم بن سعد وما حكاه ابنه وجماعة من أهل العلم وكلام الحاكم وما روى عن المزني ويونس بن عبد الأعلى فالمتجه الجواز إلا عند خوف الافتنان، وكذلك سماع المرد فإن خاف الافتنان فحينئذ يحرم مع احتمال الجواز .




الخدمات العلمية