الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الحادي عشر : في آداب الرجوع من السفر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة أو غيره يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده .

وإذا أشرف على مدينته فليقل : اللهم اجعل لنا بها قرارا ورزقا حسنا .

ثم ليرسل إلى أهله من يبشرهم بقدومه كيلا يقدم عليهم بغتة فيرى ما يكرهه ولا ينبغي له أن يطرقهم ليلا .

فقد ورد النهي عنه .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم دخل المسجد أولا وصلى ركعتين ثم دخل البيت .

وإذا دخل قال : توبا توبا لربنا أوبا أوبا لا يغادر علينا حوبا .

التالي السابق


(الحادي عشر: في آداب الرجوع من السفر كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قفل) أي: رجع (من غزو أو حج أو عمرة) والتقييد بالثلاثة لبيان الواقع لا للاختصاص فيسن الذكر الآتي لكل سفر، (يكبر على كل شرف) أي: محل عال (من الأرض ثلاث تكبيرات) والمناسبة فيه أن الاستعلاء محبوب للنفس وفيه ظهور وغلبة فينبغي للمتلبس به أن يذكر عنده أن الله أكبر من كل شيء ويشكر له ذلك ويستمطر منه المزيد، (ويقول لا إله إلا الله) بالرفع على الخبرية أو على البدلية من الضمير المستتر في الخبر المقدر أو من اسم لا باعتبار محله قبل دخولها (وحده) نصب على الحال (لا شريك له) عقلا ونقلا، وهو تأكيد لقوله وحده; لأن المتصف بالوحدانية لا شريك له، (له الملك) بالضم السلطان والقدرة وأصناف المخلوقات (وله الحمد) زاد الطبراني في روايته: يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير، (وهو على كل شيء قدير) وظاهره أنه يقول عند التكبير على المحل المرتفع ويحتمل أنه يكمل الذكر مطلقا ثم يأتي بالتسبيح إذا هبط، وفي تعقيب التكبير بالتهليل إشارة إلى أنه المنفرد بإيجاد كل موجود وأنه المعبود بالحق (آيبون) خبر مبتدأ محذوف أي: نحن راجعون لله (تائبون) من التوبة وهي الرجوع عن كل مذموم شرعا إلى ما هو محمود شرعا، قاله تواضعا أو تعليما أو أراد إدامته واستعمل التوبة للاستمرار على الطاعة (عابدون ساجدون لربنا) يتعلق بـ ساجدون أو بسائر الصفات على التنازع وهو مقدر بعد قوله (حامدون) أيضا (صدق الله وعده) في إظهار دينه وأن العاقبة للمتقين (ونصر عبده) محمدا -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق (وهزم الأحزاب) أي: طوائف الفكر المتفقة عليه على باب المدينة (وحده) بغير فعل من الآدميين .

رواه مالك وأحمد والشيخان وأبو داود والترمذي من حديث ابن عمر وأخرجه الطبراني والمحاملي في الدعاء، زاد الأخير في آخره: وكل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون. وهذا الحديث ذكره المصنف في كتاب الحج .

(وإذا أشرف على مدينته) أي: قارب الدخول عليها (فليقل: اللهم اجعل لنا بها قرارا ورزقا حسنا ثم ليرسل إلى أهله من يخبرهم بقدومه) وفي بعض النسخ: من يبشرهم (كيلا يقدم عليهم بغتة) أي: فجأة (فيرى) من أهله (ما يكره) وورد ذلك في السنة ففي الصحيح كي تستحد المغيبة وتمشط الشعثة (ولا ينبغي أن يطرقهم ليلا فقد ورد النهي عنه) تقدم في كتاب الحج (وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم) من سفره (دخل المسجد أولا وصلى ركعتين ثم دخل البيت) روى الطبراني والحاكم من حديث أبي ثعلبة كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم يثني [ ص: 413 ] بفاطمة ثم يأتي بأزواجه، وقد تقدم في كتاب الحج (فإذا دخل) البيت (قال: توبا توبا لربنا أوبا أوبا لا يغادر علينا حوبا) الحوب بالفتح والضم اكتساب الإثم، والأوب الرجوع، وهذا ما قاله تعليما لأمته .

قال العراقي: رواه ابن السني في اليوم والليلة، والحاكم من حديث ابن عباس وقال: صحيح على شرطهما .




الخدمات العلمية