الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
مسألة :

إذا كان الحرام أو الشبهة في يد أبويه فليمتنع عن مؤاكلتهما فإن كانا يسخطان فلا يوافقهما على الحرام المحض ، بل ينهاهما فلا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى فإن كان شبهة وكان امتناعه للورع ، فهذا قد عارضه أن الورع طلب رضاهما ، بل هو واجب فليتلطف في الامتناع فإن لم يقدر فليوافق وليقلل الأكل بأن يصغر اللقمة ويطيل المضغ ولا يتوسع فإن ذلك عدوان ، والأخ والأخت قريبان من ذلك ; لأن حقهما أيضا مؤكد وكذلك إذا ألبسته أمه ثوبا من شبهة ، وكانت تسخط برده فليقبل وليلبس بين يديها ولينزع في غيبتها وليجتهد أن لا يصلي فيه إلا عند حضورها فيصلي فيه صلاة المضطر ، وعند تعارض أسباب الورع ينبغي أن يتفقد هذه الدقائق .

وقد حكي عن بشر رحمه الله أنه سلمت إليه أمه رطبة وقالت : بحقي عليك أن تأكلها وكان يكرهه ، فأكل ثم صعد غرفة فصعدت أمه وراءه فرأته يتقيأ وإنما فعل ذلك لأنه .

التالي السابق


(مسألة: إذا كان الحرام أو الشبهة في يد أبويه فليمتنع من مؤاكلتهما ) مهما أمكن (فإن كانا يسخطان ذلك فلا يوافقهما على الحرام المحض، بل ينهاهما فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، وقد روي هكذا من حديث عمران بن الحصين ، رواه أحمد والحاكم ، ومن حديث عمر والغفاري رواه الحكيم الترمذي ، (وإن كان شبهة وكان امتناعه بالورع، فهذا قد عارضه الورع وطلب رضاهما، بل هو الواجب فليتلطف في الامتناع) مع القدرة، (فإن لم يقدر فليوافق) طلب رضاهما، (وليقلل الأكل بأن يصغر اللقمة ويطيل المضغ) لها، (ولا يتوسع) في الأكل، (فإن ذلك غرور، والأخ والأخت قريب من ذلك; لأن حقهما أيضا مؤكد) ثابت، (وكذلك إذا ألبسته أمه ثوبا من شبهة، وكانت تسخط برده فليقبل وليلبسه بين يديها) إرضاء لها، (ولينزع في غيبتها وليجتهد أن لا يصلي فيه إلا عند حضورها فيصلي فيه صلاة المضطر، وعند تعارض أسباب الورع ينبغي أن يتفقد هذه الدقائق) [ ص: 108 ] ويعمل بها في مواضعها، (وقد حكي عن بشر) الحافي رحمه الله تعالى (أنه سلمت له أمه رطبة وقالت:) له (بحقي عليك إلا أكلتها) ، وفي نسخة: أن تأكلها، (وكان يكره ذلك، فأكل ثم صعد غرفة فصعدت أمه وراءه فرأته يتقيأ) ، ولفظ القوت: وحدثنا عن أحمد بن محمد بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله : أخبرت أن بشر بن الحارث أرسل أخاه بتمر من الأيلة فأبقت أمه تمرة من التمر الذي كانت تفرقه، يعني على أهل بيته، فلما دخل بشر قالت له أمه: بحقي عليك لما أكلت هذه التمرة، فأكلها وصعد إلى فوق وصعدت خلفه، فإذا هو يتقيأ، وكان آخره....... على شيء ، فقال أبو عبد الله : وقد روي عن أبي بكر رضي الله عنه نحو هذا اهـ .




الخدمات العلمية