الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني :

في آداب المسافر من أول نهوضه إلى آخر رجوعه وهي أحد عشر أدبا : .

الأول : أن يبدأ برد المظالم وقضاء الديون وإعداد النفقة لمن تلزمه نفقته وبرد الودائع إن كانت عنده ولا يأخذ لزاده إلا الحلال الطيب ، وليأخذ قدرا يوسع به على رفقائه .

قال ابن عمر رضي الله عنهما : من كرم الرجل طيب زاده في سفره.

ولا بد في السفر من طيب الكلام وإطعام الطعام وإظهار مكارم الأخلاق في السفر فإنه يخرج خبايا الباطن .

ومن صلح لصحبة السفر صلح لصحبة الحضر ، وقد يصلح في الحضر من لا يصلح في السفر .

ولذلك قيل إذا أثنى على الرجل معاملوه في الحضر ورفقاؤه في السفر فلا تشكوا في صلاحه .

والسفر من أسباب الضجر ومن أحسن خلقه في الضجر فهو الحسن الخلق وإلا فعند مساعدة الأمور على وفق الغرض قلما يظهر سوء الخلق .

وقد قيل : ثلاثة لا يلامون على الضجر الصائم والمريض والمسافر وتمام حسن خلق المسافر الإحسان إلى المكاري ومعاونة الرفقة بكل ممكن والرفق بكل منقطع بأن لا يجاوزه إلا بالإعانة بمركوب أو زاد أو توقف لأجله .

وتمام ذلك مع الرفقاء بمزاح ومطايبة في بعض الأوقات من غير فحش ولا معصية ليكون ذلك شفاء لضجر السفر ومشاقه .

التالي السابق


(الفصل الثاني: في آداب المسافر من أول نهوضه)

أي: حركته للسفر (إلى آخر رجوعه) أي: المستقر (وهي أحد عشر أدبا: الأول: أن يبدأ برد المظالم) إلى أربابها إن كانت قبله لأحد (وقضاء الديون) وإيصالها على الوجه المرضي لأصحابها (وإعداد النفقة لمن تلزمه نفقته ويرد الودائع إن كانت ولا يأخذ لزاده إلا الطيب الحلال، وليأخذ قدرا يوسع به على رفقائه، قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: من كرم الرجل طيب زاده في سفره) والمراد بطيبه أن يكون من وجه حلال .

(ولا بد في السفر من طيب الكلام) ولينه (وإطعام الطعام) لمن مر به (ومن إظهار مكارم الأخلاق) وهي عشرة: صدق الحديث، وصدق الناس، وإعطاء السائل، والمكافأة بالصنائع، وحفظ الأمانة، وصلة الرحم، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، وإقراء الضيف، ورأسهن الحياء. هكذا في حديث عائشة وفي حديث أنس: مكارم الأخلاق ثلاثة: تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك (فإن السفر يخرج خبايا الباطن) ويسفر عن مكامنه ولذلك سمي سفرا. ولفظ القوت: لأن السفر يسيء الأخلاق ويكثر الضجر ويخرج مكامن النفس من الشح والشره .

(و) كل (من صلح لصحبة السفر صلح لصحبة الحضر، وقد يصلح في الحضر من لا يصلح في السفر) . ولفظ القوت: وكل من صلحت صحبته في السفر صلحت صحبته في الحضر وليس كل من صحب في الحضر صلح أن يصحب في السفر (ولذلك قيل إذا أثنى على الرجل معاملوه في الحضر ورفقاؤه في السفر فلا تشكوا في صلاحه) نقله صاحب القوت عن بعض السلف .

(والسفر من أسباب الضجر) أي: السآمة والملل، (ومن أحسن خلقه في الضجر فهو الحسن الخلق وإلا فعند مساعدة الأمور [ ص: 398 ] على وفق الغرض قلما يظهر سوء الخلق) وإنما امتحانه عند توارد المشاق، (وقد قيل: ثلاثة لا يلامون على الضجر الصائم والمريض والمسافر) نقله صاحب القوت عن بعض السلف: وأضجرهم في الغالب المريض ثم الصائم ثم المسافر (وتمام حسن خلق المسافر بالإحسان إلى المكاري) بأن يلين معه في الكلام ويتحمله ويطعمه معه ويواسيه بالمعاملة (وبمعاونة الرفقة) أي: المرافقين معه (بكل ممكن) في كل ما يعسر عليها، (وبالرفق بكل منقطع) في الطريق (بأن لا يجاوزه) إن رآه كذلك (إلا بالإعانة) له بما يليق لحاله (بمركوب) إن أبدعت به راحلته (أو زاد) إن نفد زاده أو ماء إن عطش هو أو دابته (أو توقف لأجله) إن كان ضعيف السير فلا يتركه ويسير لأنه خلاف المروءة، (وتمام ذلك مع الرفقاء بمزاح ومطايبة) في الكلام (في بعض الأوقات من غير فحش و) لا (معصية) ولكن بحد محدود (ليكون ذلك شفاء لضجر السفر ومشاقه) فيقطعون المسافة البعيدة من غير تعب .




الخدمات العلمية