الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المثار الرابع : الاختلاف في الأدلة .

فإن ذلك كالاختلاف في السبب لأن السبب سبب لحكم الحل والحرمة .

والدليل سبب لمعرفة الحل والحرمة ، فهو السبب في حق المعرفة ولم يثبت في معرفة الغير ، فلا فائدة لثبوته في نفسه ، وإن جرى سببه في علم الله .

التالي السابق


(المثار الرابع: الاختلاف في الأدلة )

اعلم أن سبب اختلاف العلماء الخلاف في مسائل مستقلة أو في فروع مبنية على أصول، وتنشأ من كل منهما مسائل فيها مثار الشبه، أشرنا لبعضها في مقدمة كتاب أسرار الطهارة من كتاب ابن السيد البطليوسي ، واستوفاها التاج السبكي في قواعده، فلا نطيل بها هنا، (والدليل سبب لمعرفة الحل والحرمة، فهو سبب في حق المعرفة، وما لم يثبت في معرفة العبد، فلا فائدة لثبوته في نفسه، وإن جرى سببه في علم الله تعالى) ، اعلم [ ص: 65 ] أن السبب والعلة يشتركان في ترتب المسبب والمعلول عليهما، ويفترقان من وجهين : أحدهما: أن السبب ما يحصل الشيء عنده، والعلة ما يحصل به، وقيل: السبب ما يوصل به إلى المسبب مع جواز المفارقة بينهما. والثاني: أن المعلول يتأثر عن علته بلا واسطة بينهما ولا شرط يتوقف الحكم على وجوده، والسبب إنما يفضي إلى الحكم بواسطة أو بوسائط، ولذلك يتراخى الحكم عنها حتى توجد الشرائط وتنتفي الموانع، وأما العلة فلا يتراخى الحكم عنها إذ لا شرط لها، بل متى وجدت أوجبت معلولها بالاتفاق. وحكى الاتفاق إمام الحرمين والآمدي وغيرهما ووجهوه بدلائل كثيرة، وقال التاج السبكي في قواعده: الوسائط بين الأحكام والأسباب تنقسم إلى مستقلة وغير مستقلة، فالمستقلة يضاف الحكم إليها ولا يتخلف عنها وهي العلل، وغير المستقلة منها له مدخل في التأثير، ومناسبة إن كان في قياس المناسبات، وهو السبب، ومنها ما لا مدخل له ولكنه إذا انعدم ينعدم الحكم وهو الشرط، وهذا يبين لك ترقي رتبة العلة عن رتبة السبب، ومن ثم يقولون: المباشرة تقدم على السبب ووجهه أن المباشرة علة، والعلة أقوى من السبب اهـ .




الخدمات العلمية