الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
مسألة .

إذا كان في يد المتولى للخيرات أو الأوقاف أو الوصايا مالان يستحق هو أحدهما ولا يستحق الثاني لأنه غير موصوف بتلك الصفة فهل له أن يأخذ ما يسلمه إليه صاحب الوقف نظر فإن كانت تلك الصفة ظاهرة يعرفها المتولي وكان المتولي ظاهر العدالة فله أن يأخذ بغير بحث لأن الظن بالمتولي أنه لا يصرف إليه ما يصرفه إلا من المال الذي يستحقه وإن كانت الصفة خفية وإن كان المتولي ممن عرف حاله أنه يخلط ولا يبالي كيف يفعل فعليه السؤال إذ ليس ههنا يد ولا استصحاب يعول عليه ، وهو وزان سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقة والهدية عند تردده فيهما لأن اليد لا تخصص الهدية عن الصدقة ولا الاستصحاب فلا ينجي منه إلا السؤال فإن السؤال حيث أسقطناه في المجهول أسقطناه بعلامة اليد والإسلام حتى لو لم يعلم أنه مسلم ، وأراد أن . يأخذ من يده لحما من ذبيحته ، واحتمل أن يكون مجوسيا لم يجر له ما لم يعرف أنه مسلم إذ اليد لا تدل في الميتة ، ولا الصورة تدل على الإسلام إلا إذا كان أكثر أهل البلدة مسلمين ، فيجوز أن يظن بالذي ليس عليه علامة الكفر أنه مسلم ، وإن كان الخطأ ممكنا فيه ، فلا ينبغي أن تلتبس المواضع التي تشهد فيها اليد ، والحال بالتي لا تشهد .

التالي السابق


(مسألة) أخرى: (إذا كان في يد المتولي للخيرات من الأوقاف والوصايا) ، وفي بعض النسخ: إذا كان في يد متولي سبل الخيرات والأوقاف والوصايا (مالان يستحق هو أحدهما) أي: أحد المالين، (ولا يستحق الثاني) منهما; (لأنه غير موصوف بتلك الصفة) التي أشار إليها صاحب الخيرات، (فهل له أن يأخذ ما يسلمه إليه صاحب الوقف) ، أم لا، (نظر فإن كانت تلك الصفة ظاهرة يعرفها المتولي وكان المتولي ظاهره العدالة) والتوقي، (فله أن يأخذ) منه (بغير بحث) وتفتيش; (لأن الظن بالمتولي أن لا يصرف إليه ما يصرفه) من المال; (إلا من المال الذي يستحقه) ، وهذا هو اللائق بحال المسلم العدل، (وإن كانت تلك الصفة خفية) غير ظاهرة، (أو كان المتولي ممن عرف من حاله أنه يخلط ولا يبالي كيف يفعل ) ، كما هو مقتضى من سلب وصف العدالة، (فعليه السؤال) والبحث، (إذ ليس ههنا يد ولا استصحاب يعول عليه، وهو وزان سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم) سلمان وغيره، (عن الصدقة والهدية عند تردده فيهما) ، وفي فصل المقال للتقي السبكي ما لفظه: روى عبد الرحمن بن علقمة قال: "قدم وفد ثقيف [ ص: 89 ] على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم هدية قد جاءوا بها، فقال لهم: ما هذا هدية أم صدقة؟ قالوا: هدية، فقبضها منهم" . (لأن اليد لا تخصص الهدية عن الصدقة ولا الاستصحاب) أي: لا يخصصها، (فلا يجيء منه إلا السؤال) والبحث، (فإن السؤال حيث أسقطناه في المجهول) أصله: (إنما أسقطناه بعلامة اليد والإسلام حتى لو لم يعلم أنه مسلم، وأراد أن يأكل من يده لحما من ذبيحته، واحتمل أن يكون مجوسيا لم يجز له) الأكل (ما لم يعرف أنه مسلم إذ اليد لا تدل) ، وفي نسخة: لا تجوز، (في الميتة، ولا الصورة) الظاهرة (تدل على الإسلام إلا إذا كان أكثر أهل البلد مسلمين، فيجوز أن يظن بالذي ليس عليه علامة الكفر) من شد زنار أو غيره (أنه مسلم، وإن كان الخطأ ممكنا فيه، فلا ينبغي) إذا (أن تلتبس المواضع التي تشهد فيها اليد، والحال بالتي لا تشهد) فيها .



الخدمات العلمية