الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ورواه أبو هريرة رضي الله عنه وقال فيه : إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ، ووجوههم نورا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء فقالوا : يا رسول الله صفهم لنا فقال : هم المتحابون في الله والمتجالسون في الله والمتزاورون في الله .

" وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه .

" ويقال : إن الأخوين في الله إذا كان أحدهما أعلى مقاما من الآخر رفع الآخر معه إلى مقامه وإنه يلتحق به ، كما تلتحق الذرية بالأبوين ، والأهل بعضهم ببعض ; لأن الأخوة إذا اكتسبت في الله لم تكن دون أخوة الولادة .

قال عز وجل ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يقول : حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي وحقت محبتي للذين يتحابون من أجلي ، وحقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي .

التالي السابق


(ورواه أبو هريرة ) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، (فقال فيه: إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور، ووجوههم نور، ليسوا أنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء، قالوا: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم المتحابون في الله والمتجالسون فيه والمتزاورون في الله " ) .

قال العراقي : رواه النسائي في سننه الكبرى، ورجاله ثقات، انتهى .

قلت: وفي أول الحلية لأبي نعيم قال: حدثنا محمد بن جعفر بن إبراهيم ، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ ، ثنا مالك بن إسماعيل وعاصم بن علي ، قالا: ثنا [ ص: 175 ] قيس بن الربيع ، ثنا عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى، فقال رجل: من هم؟ وما أعمالهم، لعلنا نحبهم؟ قال: قوم يتحابون بروح الله من غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها بينهم، والله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، ثم قرأ: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، (وقال صلى الله عليه وسلم: "ما تحاب اثنان في ألفة إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه" ) . وقال العراقي : رواه ابن حبان والحاكم من حديث أنس ، وقال: صحيح الإسناد، انتهى .

قلت: لفظ الحاكم في البر والصلة: "ما تحاب رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه" ، وقال: صحيح، وأقره الذهبي ، وقد رواه أيضا البخاري في الأدب والبيهقي والطبراني في الأوسط، وأبو يعلى ، والبزار ، قال الهيتمي كالمنذري ورجال الأخيرين رجال الصحيح غير مبارك بن فضالة ، وقد وثقه جماعة على ضعف فيه، وأخرجه أيضا في المختارة، وفي المعجم الكبير للطبراني من حديث أبي عبيدة ومعاذ رفعاه ما تحاب رجلان في الله تعالى إلا وضع لهما كرسيا، فأجلسا عليه حتى يفرغ الله من الحساب ، (ويقال: إن الأخوين في الله تعالى إذا كان أحدهما أعلى مقاما من الآخر رفع) الآخر (معه إلى مقامه وأنه يلحق به، كما تلحق الذرية بالأبوين، والأهل بعضهم ببعض; لأن الأخوة إذا كانت) ، وفي نسخة إذا اكتسبت (في الله لم تكن دون أخوة الولادة) ، نقله صاحب القوت إلا أنه قال: لأن الأخوة عمل كالولادة (وقد قال) الله (تعالى) بعد قوله ( ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ) أي: ما نقصناهم، (وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول: حقت محبتي) أي: وجبت (للذين يتزاورون من أجلي وحقت محبتي للذين يتحابون من أجلي، وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي) ، قال العراقي : رواه أحمد من حديث عمرو بن عبسة ، وحديث عبادة بن الصامت ، ورواه الحاكم وصححه، اهـ .

قلت: حديث عبادة بن الصامت أخرجه أيضا الطيالسي وابن منيع وابن حبان ، والطبراني والضياء بلفظ: "قال الله تبارك وتعالى: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، المتحابون في على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقون والشهداء" . وفي رواية للطبراني : "قال الله تعالى: وجبت محبتي للذين يتجالسون في، ووجبت محبتي للذين يتباذلون في، ووجبت محبتي للذين يتلاقون في" .

وفي لفظ له: قال الله تعالى: "حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتجالسين في، وحقت محبتي للمتزاورين في" ، وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الأخوان بلفظ: "قال الله تعالى: حقت محبتي على المتحابين، أظلهم في ظل العرش يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظلي" .

وأخرجه البيهقي في الشعب بلفظ: "حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتصافين في، وحقت محبتي للمتباذلين في" . وأورده هكذا صاحب العوارف، وأما حديث عمرو بن عبسة ، فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الأخوان والطبراني في الكبير بلفظ: "يقول الله تعالى: قد حقت محبتي للذين يتحابون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتصادقون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي ، ثم ساق الحديث بطوله، وقد روي ذلك أيضا من حديث معاذ أخرجه أحمد وابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي ، ولفظه: "قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتباذلين والمتزاورين في .




الخدمات العلمية