الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقال صلى الله عليه وسلم : من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفي ثمنه درهم حرام لم يقبل الله صلاته ما دام عليه منه شيء .

وقال صلى الله عليه وسلم: كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به .

وقال صلى الله عليه وسلم : من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال الله من أين أدخله النار .

وقال صلى الله عليه وسلم : العبادة عشرة أجزاء تسعة منها ، في طلب الحلال .

. روي هذا مرفوعا وموقوفا على بعض الصحابة أيضا .

التالي السابق


(وقال صلى الله عليه وسلم: من اشترى ثوبا بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام لم تقبل صلاته ) ، أي: لم تكتب له صلاة مقبولة مع كونها مجزئة مسقطة للقضاء كالصلاة بمحل مغصوب ( ما دام عليه منه شيء ) ، وذلك لقبح ما هو ملتبس به; لأنه ليس أهلا له حينئذ، فهو استبعاد للقبول لاتصافه بقبيح المخالفة، وليس إحالة لإمكانه مع ذلك تفضلا وإنعاما، وفيه إشارة إلى أن ملامسة الحرام لبسا أو غيره كأكل مانع لإجابة الدعاء ; لأن مبدأ إرادة الدعاء القلب ثم يعيد تلك الإرادة على اللسان، فينطق به، وملابسة الحرام مفسدة للقلب بدلالة الوجدان فيحرم الرقة والإخلاص، وتصير أعماله أشباحا بلا أرواح، وبفساده يفسد البدن كله فيفسد الدعاء; لأنه نتيجة فاسد، قال العراقي : رواه أحمد من حديث ابن عمر بسند ضعيف اهـ، قلت: رواه من طريق هاشم عن ابن عمر ، ولفظه: "وفيه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه" . وزاد في رواية: منه شيء، ثم أدخل أصبعيه في أذنيه وقال: صمتا إن لم أكن سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله .

قال الذهبي : وهاشم لا يدرى من هو، وقال ابن حجر : وإسناده ضعيف جدا، وقال أحمد : هذا الحديث ليس بشيء، وقال الهيتمي : هاشم لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا على أن بقية مدلس، وقال ابن عبد الهادي رواه أحمد في المسند، وضعفه في العلل، وأخرجه أيضا عبد بن حميد والبيهقي في الشعب وضعفه، وتمام والخطيب وابن عساكر والديلمي كلهم من حديث ابن عمر .

قال جمهور النهاوندي : سألت ابن حمويه عنه فقال: لا يقنع بمثل إسناده في الأحكام، ولكن لا يؤمن أن يكون ذلك، فالحذر فيه أبلغ، نقله الديلمي ، (وقال عليه) الصلاة و (السلام: من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال الله من أين أدخله النار ;) ولفظ القوت وفي الخبر: "من لم يبال من أين مطعمه لم يبال الله من أي أبواب النار أدخله" .

وقيل: ذلك مكتوب في التوراة، وقال العراقي : رواه الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر ، قال ابن العربي في عارضه: إنه باطل لا يصح، قلت: ووقع في نسخ الجامع الكبير للسيوطي بلفظ المصنف، وقال فيه الديلمي عن ابن عمرو (وقال عليه) الصلاة و (السلام: كل لحم نبت من حرام، فالنار أولى به ) ، قال العراقي : رواه الترمذي من حديث كعب بن عجرة وحسنه، وقد تقدم اهـ .

ووجد بخط الحافظ في الحلية من حديث أبي بكر وعائشة وجابر : "كل جسد نبت من سحت" ، ونحوه من حديث ابن عباس في الصغير للطبراني ، وقد تقدم الكلام عليه مفصلا، (وقال عليه) الصلاة و (السلام: العبادة عشرة أجزاء، فتسعة فيها في طلب الحلال . روي هذا مرفوعا وموقوفا على بعض الصحابة) ، وقال العراقي : رواه الديلمي من حديث أنس إلا إنه قال: تسعة منها [ ص: 9 ] في الغنى، والعاشرة كسب اليد من الحلال وهو منكر اهـ .

قلت: وفي رواية للديلمي من حديث أنس : "العافية عشرة أجزاء; تسعة في طلب المعيشة وجزء من سائر الأشياء" .




الخدمات العلمية