الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
المثار الثاني للشبهة شك منشؤه الاختلاط .

وذلك بأن يختلط الحرام بالحلال ويشتبه الأمر ولا ، يتميز والخلط لا يخلو إما أن يقع بعدد لا يحصر من الجانبين أو من أحدهما أو بعدد محصور فإن اختلط بمحصور فلا يخلو إما أن يكون اختلاط امتزاج بحيث لا يتميز بالإشارة كاختلاط المائعات أو يكون اختلاط استبهام مع التميز للأعيان كاختلاط الأعبد والدور والأفراس ، والذي يختلط بالاستبهام فلا يخلو إما أن يكون مما يقصد عينه كالعروض أو لا يقصد كالنقود فيخرج من هذا التقسيم ثلاثة أقسام .

القسم الأول أن تستبهم العين بعدد محصور ، كما لو اختلطت الميتة بمذكاة أو بعشر مذكيات أو اختلطت رضيعة بعشر نسوة أو يتزوج إحدى الأختين ثم تلتبس فهذه شبهة يجب اجتنابها بالإجماع لأنه لا مجال للاجتهاد والعلامات في هذا وإذا اختلطت بعدد محصور صارت الجملة كالشيء الواحد فتقابل فيه يقين التحريم والتحليل ، ولا فرق في هذا بين أن يثبت حل فيطرأ اختلاط بمحرم ، كما لو أوقع الطلاق على إحدى زوجتين في مسألة الطائر أو يختلط قبل الاستحلال كما لو اختلطت رضيعة بأجنبية ، فأراد استحلال واحدة وهذا ، قد يشكل في طريان التحريم كطلاق إحدى الزوجتين لما سبق من الاستصحاب .

وقد نبهنا على وجه الجواب ، وهو أن يقين التحريم قابل يقين الحل ، فضعف الاستصحاب وجانب الحظر أغلب في نظر الشرع ، فلذلك ترجح وهذا إذا اختلط حلال محصور بحرام محصور .

فإن اختلط حلال محصور بحرام غير محصور فلا يخفى أن وجوب الاجتناب أولى .

التالي السابق


(المثار الثاني للشبهة شك منشؤه الاختلاط، وذلك بأن يختلط الحلال بالحرام ويشتبه الأمر ، فلا يتميز) بعضه من بعض (والخلط) المذكور (لا يخلو إما أن يقع بعدد لا يحصر من الجانبين) أي: الحلال والحرام، (أو من أحدهما أو بعدد محصور) مضبوط (فإن اختلط بمحصور فلا يخلو إما أن يكون اختلاط امتزاج بحيث لا يتميز بالإشارة) والعلامة (كاختلاط المائعات) كالمياه والأدهان وما في حكمها (أو يكون اختلاط اشتباه الأعيان كاختلاط الأعبد) ، والإماء (والدور والأفراس، والذي يختلط بالاشتباه فلا يخلو إما أن يكون مما تقصد عينه كالعروض) والأمتعة (أو لا تقصد) عينه (كالنقود) الرائجة، (فتخرج من هذا التقسيم ثلاثة أقسام، القسم الأول أن تشتبه العين بعدد محصور، كما لو اختلطت ميتة بذكية) أي: مذكاة بالذبح (أو بعشرة مذكيات) مثلا [ ص: 41 ] (أو تختلط رضيعة بعشرة نسوة) مثلا (أو يتزوج إحدى الأختين ثم تلتبس) أيتهما زوجته، (فهذه شبهة يجب اجتنابها بالإجماع) في كل ما ذكر; (لأنه لا مجال للاجتهاد والعلامات في هذا) بخلاف المياه والأحداث، (وإذا اختلط بعدد محصور صارت الجملة كالشيء الواحد) أي: للكل حكم الواحد (وتقابل فيه يقين التحليل والتحريم، ولا فرق في هذا بين أن يثبت حل فيطرأ اختلاط بمحرم، كما لو أوقع على إحدى زوجتيه الطلاق في مسألة الطائر) المتقدمة (أو يختلط قبل الاستحلال كما لو اختلطت رضيعة بأجنبية، فأراد استحلال واحدة، فهذا قد شك في طريان التحريم كطلاق إحدى الزوجتين كما سبق من الاستصحاب، وقد نبهنا) هناك (على وجه الجواب، وهو أن يقين التحريم قابل يقين الحل، فضعف الاستصحاب) ، فلم يعمل يقين الحل (وجانب الخطر أغلب في نظر الشرع، فلذلك ترجح) يقين التحريم (وهكذا إذا اختلط حلال محصور) بعدد (بحرام محصور) بعدد (فلا يخفى أن وجوب الاجتناب) هو (الأولى) والأليق .




الخدمات العلمية