الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
القسم الثاني حرام محصور بحلال غير محصور كما لو اختلطت رضيعة أو عشر رضائع بنسوة بلد كبير ، فلا يلزم بهذا اجتناب نكاح نساء أهل البلد بل له أن ينكح من شاء منهن ، وهذا لا يجوز أن يعلل بكثرة الحلال إذ يلزم عليه أن يجوز النكاح إذا اختلطت واحدة حرام بتسع حلال ولا قائل به بل العلة الغلبة والحاجة جميعا إذ كل من ضاع له رضيع أو قريب أو محرم بمصاهرة ، أو سبب من الأسباب فلا يمكن أن يسد عليه باب النكاح وكذلك من علم أن مال الدنيا خالطه حرام قطعا لا يلزمه ترك الشراء والأكل ، فإن ذلك حرج وما في الدين من حرج .

ويعلم هذا بأنه لما سرق في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم مجن .

وغل واحد في الغنيمة عباءة .

لم يمتنع أحد من شراء المجان والعباء في الدنيا ، وكذلك كل ما سرق وكذلك كان يعرف أن في الناس من يربي في الدراهم والدنانير .

وما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الناس الدراهم والدنانير بالكلية .

التالي السابق


( القسم الثاني حرام محصور ) بعدد (بحلال غير محصور) بعدد (كما لو اختلطت رضيعة أو عشر رضائع بنسوة بلد كبير، فلا يلزم بهذا اجتناب نكاح أهل البلد) ، كلهن (بل له أن ينكح من شاء منهن، وهذا لا يجوز أن يعلل بكثرة الحلال إذ يلزم عليه أن يجوز النكاح إذا اختلطت واحدة حرام بتسع حلال ولا قائل به) من أحد من العلماء، (بل العلة الغلبة والحاجة جميعا) ويقولون: الغلبة لها أحكام، فإذا لحقت معها الحاجة كانت علة قوية (إذ كل من ضاع له قريب أو رضيع أو محرم بمصاهرة، أو بسبب من الأسباب) الخارجة (لا يمكن أن يسد عليه باب النكاح) ولا يمنع عنه، (وكذلك من علم أن مال الدنيا) أي: المال الموجود الآن في الدنيا قد (خالطه حرام قطعا) من إفساد المعاملات وغيرها (لا يلزمه ترك الشراء) والبيع (أو الأكل، فإن ذلك حرج) مفض إلى الهلاك (وما في الدين من حرج) بنص الكتاب، (ويعلم هذا بأنه لما سرق في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم مجن) بكسر الميم، وهو الترس سمي به; لأن صاحبه يتستر به، والجمع المجان .

وروى الشيخان من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع سارقا في مجن قيمته ثلاثة دراهم ، قاله العراقي ، (وغل واحد من) جملة (الغنيمة عباءة) ، وهي كساء من صوف أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمر ، واسم الغال كركرة، قاله العراقي ، (لم يمتنع أحد من شراء المجن والعباءة في الدنيا، وكذلك كل ما سرق) من مأكول أو ملبوس أو مشروب، (وكذلك أيضا كان يعرف أن في الناس من يربي في الدراهم والدنانير) ، أي: يعاملهم بالربا (وما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الناس الدراهم بالكلية) ، بل عاملوا بها .

قال العراقي : هذا معروف وسيأتي حديث جابر بعد فيه ما يدل على ذلك .




الخدمات العلمية