وقال ابن سيرين وامتنع سفيان رحمه الله من مناولة الخليفة في زمانه دواة بين يديه ، وقال : حتى أعلم ما تكتب بها فكل من حواليهم من خدمهم وأتباعهم ظلمة مثلهم ، يجب بغضهم في الله جميعا . لا تحمل للسلطان كتابا حتى تعلم ما فيه
روي عن عثمان بن زائدة أنه سأله رجل من الجند وقال أين الطريق ، فسكت وأظهر الصمم وخاف أن يكون متوجها إلى ظلم فيكون هو بإرشاده إلى الطريق معينا .
وهذه المبالغة لم تنقل عن السلف مع الفساق من التجار والحاكة والحجامين ، وأهل الحمامات والصاغة والصباغين ، وأرباب الحرف مع غلبة الكذب والفسق عليهم بل مع الكفار من أهل الذمة ، وإنما هذا في الظلمة خاصة الآكلين لأموال اليتامى والمساكين والمواظبين على إيذاء المسلمين الذين تعاونوا على طمس رسوم الشريعة وشعائرها .
، وهذا لأن المعصية تنقسم إلى لازمة ومتعدية والفسق لازم لا يتعدى وكذا الكفر ، وهو جناية على حق الله تعالى وحسابه على الله ، وأما معصية الولاة بالظلم وهو متعد فإنما يغلظ أمرهم لذلك وبقدر عموم الظلم وعموم التعدي يزدادون عند الله مقتا فيجب أن يزداد منهم اجتنابا ومن معاملتهم احترازا ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : يقال للشرطي : دع سوطك وادخل النار .
وقال صلى الله عليه وسلم : . من أشراط الساعة رجال معهم سياط كأذناب البقر
فهذا حكمهم ومن عرف بذلك منهم فقد عرف ، ومن لم يعرف فعلامته القباء وطول الشوارب وسائر الهيئات المشهورة .
فمن رئي على تلك الهيئة تعين اجتنابه ولا يكون ذلك من سوء الظن لأنه الذي جنى على نفسه إذ تزيا بزيهم ومساواة الزي تدل على مساواة القلب ولا يتجانن إلا مجنون ، ولا يتشبه بالفساق إلا فاسق نعم الفاسق قد يلتبس بأهل الصلاح فأما الصالح فليس له أن يتشبه بأهل الفساد لأن ذلك تكثير لسوادهم وإنما نزل قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم في وقد روي أن الله تعالى أوحى إلى يوشع ابن نون إني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم وستين ألفا من شرارهم ، فقال ما بال الأخيار قال : إنهم لا يغضبون لغضبي فكانوا يؤاكلونهم ويشاربونهم . قوم من المسلمين كانوا يكثرون جماعة المشركين بالمخالطة
وبهذا يتبين أن واجب . وروى بعض الظلمة والغضب لله عليهم عن النبي صلى الله عليه وسلم إن : الله لعن علماء بني إسرائيل إذ خالطوا الظالمين في معاشهم . ابن مسعود