مسألة :
سئل عن مع أن كل واحد منهما يصدر عن الرضا ولا يخلو عن غرض ، وقد حرمت إحداهما دون الأخرى . الفرق بين الرشوة والهدية
فقلت : باذل المال لا يبذله قط إلا لغرض ، ولكن الغرض إما آجل كالثواب وإما عاجل ، والعاجل إما مال وإما فعل وإعانة على مقصود معين ، وإما تقرب إلى قلب المهدى إليه بطلب محبته إما للمحبة في عينها ، وإما للتوصل بالمحبة إلى غرض وراءها ، فالأقسام الحاصلة من هذه خمسة .
الأول ، وذلك إما أن يكون لكون المصروف إليه محتاجا أو عالما أو منتسبا بنسب ديني ، أو صالحا في نفسه متدينا . ما غرضه الثواب في الآخرة
فما علم الآخذ أنه يعطاه لحاجته لا يحل له أخذه إن لم يكن محتاجا وما علم أنه يعطاه لشرف نسبه لا يحل له إن علم أنه كاذب في دعوى النسب وما يعطى لعلمه ، فلا يحل له أن يأخذه إلا أن يكون في العلم كما يعتقده المعطي ، فإن كان خيل إليه كمالا في العلم حتى بعثه بذلك على التقرب ، ولم يكن كاملا لم يحل له ، وما يعطى لدينه وصلاحه لا ، يحل له أن يأخذه إن كان فاسقا في الباطن فسقا لو علمه المعطي ما أعطاه .
وقلما ، يكون الصالح بحيث لو انكشف باطنه لبقيت القلوب مائلة إليه وإنما ستر الله الجميل هو الذي يحبب الخلق إلى الخلق .
وكان ، المتورعون يوكلون في الشراء من لا يعرف أنه وكيلهم حتى لا يتسامحوا في المبيع خيفة من أن يكون ذلك أكلا بالدين فإن ذلك ، مخطر ، والتقي خفي لا كالعلم والنسب والفقر فينبغي أن يجتنب الأخذ بالدين ما أمكن .