قال ابن أكثم قال المأمون فأين هذا ؟ فقيل له أتدري : لم أوصاه بذلك .
؟ قال : لا ، قال : لأنه أراد أن لا يصحب أحدا .
وقال بعض الأدباء : لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرك ويستر عيبك فيكون معك في النوائب ويؤثرك بالرغائب وينشر حسنتك ويطوي سيئتك ، فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك .
وقال علي رضي الله عنه .
إن أخاك الحق من كان معك ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب زمان صدعك
شتت فيه شمله ليجمعك
وآخر مر كله فلا يؤكل منه وآخر فيه حموضة فخذ من هذا قبل أن يأخذ منك ، وآخر فيه ملوحة فخذ منه وقت الحاجة فقط .
وقال جعفر الصادق رضي الله عنه لا تصحب خمسة الكذاب ؛ فإنك منه على غرور وهو مثل السراب يقرب منك البعيد ويبعد منك القريب والأحمق ، ؛ فإنك لست منه على شيء يريد أن ينفعك فيضرك .
والبخيل ؛ فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه والجبان ، ؛ فإنه يسلمك ويفر عند الشدة والفاسق ، ؛ فإنه يبيعك بأكلة أو أقل منها . فقيل وما أقل منها قال ؟ : الطمع فيها ثم لا ينالها .
وقال الجنيد لأن يصحبني فاسق حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني قارئ سيئ الخلق .
وقال ابن أبي الحواري : قال لي أستاذي أبو سليمان يا أحمد لا تصحب إلا أحد رجلين رجلا : ترتفق به في أمر دنياك أو رجلا تزيد معه وتنتفع به في أمر ، آخرتك ، والاشتغال بغير هذين حمق كبير .
وقال سهل بن عبد الله اجتنب صحبة ثلاثة من أصناف الناس : الجبابرة الغافلين ، والقراء المداهنين والمتصوفة ، الجاهلين .
واعلم أن هذه الكلمات أكثرها غير محيط بجميع أغراض الصحبة والمحيط ما ذكرناه من ملاحظة المقاصد ومراعاة الشروط بالإضافة إليها فليس ما يشترط للصحبة في مقاصد الدنيا مشروطا للصحبة في الآخرة والأخوة كما قال بشر الإخوان ثلاثة : أخ لآخرتك وأخ لدنياك وأخ لتأنس به .


