الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقلما تجتمع هذه المقاصد في واحد بل تتفرق على جمع فتتفرق الشروط فيهم لا محالة .

وقد قال المأمون الإخوان ثلاثة : أحدهم مثله مثل الغذاء لا يستغنى عنه ، والآخر مثله مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت ، والثالث مثله مثل الداء لا يحتاج إليه قط ، ولكن العبد قد يبتلى به وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع .

وقد قيل : مثل جملة الناس كمثل الشجر والنبات فمنها ، ما له ظل وليس له ثمر ، وهو مثل الذي ينتفع به في الدنيا دون الآخرة فإن نفع الدنيا كالظل السريع الزوال .

التالي السابق


واعلم أن الأنس لا يوجد في كل عالم ولا في كل عاقل ولا في كل عابد زاهد، ويحتاج الأنس إلى وجود معان تكون في الولي، فإذا اجتمعت فيه كمل الأنس وارتفعت عنه الوحشة والحشمة، ومن لم تكن فيه لم يوجد فيه أنس، ومن لم تكتمل فيه وجد فيه بعض الأنس، وإذا حصل الأنس ففيه الروح من الكروب والاستراحة من الغم والسكون والطمأنينة في القلب؛ فلذلك عز من يوجد فيه الأنس لعزة خصاله، وهي سبع: علم وعقل وأدب وحسن خلق وسخاء نفس وسلامة قلب وتواضع، فإن فقد بعضها لم يجد خلا يأنس بكماله من قبل أن أضدادها وحشة كلها، فاعرف هذا .

(وقلما تجتمع هذه المقاصد في واحد فلتتفرق على جمع فتتفرق الشروط فيهم لا محالة، وقد قال المأمون) أمير المؤمنين عبد الله بن هارون (الإخوان ثلاثة: أحدهم مثله مثل الغذاء) للجسد (لا يستغنى عنه، والآخر مثله مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت، والثالث مثله مثل الداء لا يحتاج إليه قط، ولكن العبد قد يبتلى به وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع) عنده، والأول نعمة من الله سبحانه على العبد فيه ألفة وأنس ومعه غنيمة ونفع. كذا في القوت (وقيل: مثل [ ص: 203 ] جملة الناس مثل) جملة (الشجر والنبات، فمنه ما له ظل وليس له ثمر، وهو الذي ينفع في الدنيا دون الآخرة) شبهه بالشجرة التي لها ظل من غير ثمر فينتفع بظله ولكن لا ثمرة له في العقبى، وكذلك المشبه به يحتاج إليه في وقت (فإن نفع الدنيا كالظل السريع الزوال) ؛ ولذا قيل: "إنما الدنيا كظل زائل" .




الخدمات العلمية