وأما الرتبة العليا فهي التي وصف الله تعالى المؤمنين بها في قوله : وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون أي : كانوا خلطاء في الأموال لا يميز بعضهم رحله عن بعض وكان منهم من لا يصحب من قال نعلي : لأنه أضافه إلى نفسه .
وجاء فتح الموصلي إلى منزل لأخ له وكان غائبا فأمر أهله فأخرجت صندوقه ففتحه وأخذ حاجته فأخبرت الجارية مولاها فقال إن صدقت فأنت حرة لوجه الله سرورا بما فعل .
وجاء رجل إلى رضي الله عنه وقال : إني أريد أن أواخيك في الله ، فقال : أتدري ما أبي هريرة ؟ قال : عرفني ، قال : أن لا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني ، قال لم أبلغ هذه المنزلة بعد ، قال : فاذهب عني . حق الإخاء
وقال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل : هل يدخل أحدكم يده في كم أخيه وكيسه ؟ فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه ؟ قال : لا ، قال : فلستم بإخوان .
ودخل قوم على الحسن رضي الله عنه فقالوا : يا أبا سعيد ، أصليت ؟ قال : نعم ، قالوا : فإن أهل السوق لم يصلوا بعد ؟ قال : ومن يأخذ دينه من أهل السوق ؟! : بلغني أن أحدهم يمنع أخاه الدرهم قاله كالمتعجب منه .
وجاء رجل إلى رحمه الله وهو يريد إبراهيم بن أدهم بيت المقدس ، فقال : إني أريد أن أرافقك ، فقال له إبراهيم : على أن أكون أملك لشيئك منك ، قال : لا ، قال أعجبني : صدقك قال فكان رحمه الله إذا رافقه رجل لم يخالفه ، وكان لا يصحب إلا من يوافقه وصحبه رجل شراك فأهدى رجل إلى إبراهيم بن أدهم إبراهيم في بعض المنازل قصعة من ثريد ففتح جراب رفيقه وأخذ حزمة من شراك وجعلها في القصعة وردها إلى صاحب الهدية ، فلما جاء رفيقه قال : أين الشراك ؟ قال ذلك الثريد الذي أكلته إيش كان ؟ قال : كنت تعطيه شراكين أو ثلاثة ، قال : اسمح يسمح لك .
وأعطى مرة حمارا كان لرفيقه بغير إذنه رجلا رآه راجلا فلما جاء رفيقه سكت ولم يكره ذلك .
قال رضي الله عنهما : أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال: أخي فلان أحوج مني إليه فبعث به إليه ، فبعثه ذلك الإنسان إلى آخر فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى رجع إلى الأول بعد أن تداوله سبعة . ابن عمر
وروي أن مسروقا أدان دينا ثقيلا وكان على أخيه خيثمة دين قال فذهب مسروق فقضى دين خيثمة وهو لا يعلم وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم ولما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع آثره بالمال والنفس فقال عبد الرحمن بارك الله لك فيهما .
فآثره بما آثره به ، وكأنه قبله ثم آثره به وذلك مساواة ، والبداية إيثار والإيثار أفضل من المساواة .
وقال لو أن الدنيا كلها لي فجعلتها في فم أخ من إخواني لاستقللتها له . أبو سليمان الداراني
وقال أيضا إني : لألقم اللقمة أخا من إخواني فأجد طعمها في حلقي .
كان قال الإنفاق على الإخوان أفضل من الصدقات على الفقراء رضي الله تعالى عنه لعشرون درهما أعطيها أخي في الله أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم على المساكين وقال أيضا لأن أصنع صاعا من طعام وأجمع عليه إخواني في الله أحب إلي من أن أعتق رقبة . علي
فإنه دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج والآخر مستقيم إلى صاحبه فقال له : يا رسول الله ، كنت والله أحق بالمستقيم مني ، فقال : ما من صاحب يصحب صاحبا ولو ساعة من النهار إلا سئل عن صحبته هل أقام فيها حق الله أم أضاعه . واقتداء الكل في الإيثار برسول الله صلى الله عليه وسلم