الحق الثالث .
في : اللسان بالسكوت مرة وبالنطق أخرى .
أما في غيبته وحضرته بل يتجاهل عنه ويسكت عن الرد عليه فيما يتكلم به ولا يماريه ولا يناقشه وأن يسكت عن التجسس والسؤال عن أحواله وإذا رآه في طريق أو حاجة لم يفاتحه بذكر غرضه من مصدره ومورده ولا يسأله عنه فربما يثقل عليه ذكره أو يحتاج إلى أن يكذب فيه وليسكت عن أسراره التي بثها إليه ولا يبثها إلى غيره البتة ولا إلى أخص أصدقائه ولا يكشف شيئا منها ولو بعد القطيعة والوحشة فإن ذلك من لؤم الطبع وخبث الباطن وأن يسكت عن القدح في أحبابه وأهله وولده وأن يسكت عن حكاية قدح غيره فيه فإن الذي سبك من بلغك . السكوت فهو أن يسكت عن ذكر عيوبه
وقال أنس كان صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدا بشيء يكرهه .
والتأذي يحصل أولا من المبلغ ثم من القائل نعم ؛ لا ينبغي أن يخفي ما يسمع من الثناء عليه فإن السرور به أولا يحصل من المبلغ للمدح ثم من القائل وإخفاء ذلك من الحسد .
وبالجملة فليسكت عن كل كلام يكرهه جملة وتفصيلا إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف أو نهي عن منكر ولم يجد رخصة في السكوت فإذ ذاك لا يبالي بكراهته فإن ذلك إحسان إليه في التحقيق وإن كان يظن أنها إساءة في الظاهر .