الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأشد الاحتقار المماراة فإن من رد على غيره كلامه فقد نسبه إلى الجهل والحمق أو إلى الغفلة والسهو عن فهم الشيء على ما هو عليه ، وكل ذلك استحقار وإيغار للصدر وإيحاش .

وفي حديث أبي أمامة الباهلي قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتمارى فغضب وقال : ذروا المراء ذروا المراء لقلة خيره وذروا المراء فإن نفعه قليل وإنه يهيج العداوة بين الإخوان .

وقال بعض السلف : من لاحى الإخوان وماراهم قلت مروءته وذهبت كرامته .

وقال عبد الله بن الحسن إياك ومماراة الرجال فإنك لن تعدم مكر حليم أو مفاجأة لئيم .

وقال بعض السلف : أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان ، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم وكثرة المماراة توجب التضييع والقطيعة وتورث العداوة .

وقد قال الحسن لا تشتر عداوة رجل بمودة ألف رجل .

وعلى الجملة فلا باعث على المماراة إلا إظهار التميز بمزيد العقل والفضل واحتقار المردود عليه بإظهار جهله وهذا يشتمل على التكبر والاحتقار والإيذاء والشتم بالحمق والجهل ، ولا معنى للمعاداة إلا هذا فكيف تضام الأخوة والمصافاة فقد .

التالي السابق


(وأشد الاحتقار المماراة فإن من رد على غيره كلامه فقد نسبه إلى الجهل والحمق) وهو فساد جوهر العقل (أو إلى الغفلة والسهو عن فهم الشيء على ما هو عليه، وكل ذلك استحقار له وإيغار للصدر) يقال: أوغر صدره إذا ملأه غيظا (وإيحاش، وفي حديث أبي أمامة) صدي بن عجلان (الباهلي) -رضي الله عنه- سكن الشام ومات بها سنة ست وثمانين (قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نتمارى فغضب وقال: ذروا المراء) أي: اتركوه (فإن نفعه قليل وإنه يهيج العداوة بين الإخوان) كذا في القوت إلا أنه قال: ذروا المراء لقلة خيره، ذروا المراء فإن نفعه قليل. والباقي سواء .

قال العراقي: رواه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة وأنس دون ما بعد قوله: "لقلة خيره" ومن هنا إلى آخر الحديث. رواه الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي أمامة فقط وإسناده ضعيف. اهـ .

قلت: وروى الديلمي من حديث معاذ: "دعوا الجدال والمراء لقلة خيرهما فإن أحد الفريقين كاذب فيأثم الفريقان".

(وقال بعض السلف: من لاحى) من الملاحاة وهي المخاصمة، ولفظ القوت "من لاج" من الملاجة بمعناه (الإخوان وماراهم قلت مروءته) وفي نسخة: مودته (وذهبت كرامته) زاد في القوت: وفي حديث علي -رضي الله عنه- قال: من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته.

(وقال عبد الله بن الحسن) هكذا هو في القوت، وهو يحتمل أن يكون ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، ثقة روى له الأربعة أو عبد الله بن الحسن البصري (إياك ومماراة الرجال فإنك لن تعدم مكر حليم أو مفاجأة لئيم) هكذا نص القوت، وفي نسخ الكتاب: فإنك لن تعدم تكرم حليم، وهو غلط .

(وقال بعض السلف: أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم) كذا في القوت .

(وقال الحسن) البصري (لا تشتروا عداوة رجل بمودة ألف رجل) كذا في القوت إلا أنه قال: لا تشتر (وعلى الجملة فلا باعث على المماراة إلا إظهار التميز بمزيد العقل والفضل واحتقار المردود عليه بإظهار جهله) والإزراء به (وهذا يشتمل على) أوصاف ذميمة مثل: (التكبر والاحتقار والإيذاء والوسم بالحمق، ولا معنى للمعاداة إلا هذا فكيف تضامه الأخوة) الإلهية (والمصافاة) والصداقة .




الخدمات العلمية