الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وينبغي أن لا يبالغ في البغض عند الوقيعة .

قال الله تعالى : عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة وقال عليه السلام : " أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما .

وقال عمر رضي الله عنه لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا وهو أن تحب تلف صاحبك مع هلاكك .

التالي السابق


(وينبغي أن لا تبالغ في البغض عند القطيعة) وبعدها فعسى أن توده يوما (قال الله تعالى: عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ) والترجي من الله تعالى يقيني .

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: "أحبب) بفتح الهمزة وكسر الموحدة (حبيبك هونا ما) أي: حبا قليلا فهو منصوب على المصدر صفة لما اشتق منه أحب وما إبهامية تزيد النكرة إبهاما وشياعا وتسد عنها طرق التقييد، وقيل: مزيدة لتأكيد معنى القلة، ويصبح نصبه على الظرف؛ لأنه من صفات الأحيان؛ أي: أحببه في حين قليل ولا تسرف في حبه، وقيل: معناه حبا مقتصدا لا إفراط فيه ولا تفريط؛ فإنه (عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما) فإنه (عسى أن يكون حبيبك يوما ما) إذ ربما انقلب ذلك بتغيير الزمان والإخوان بغضا فلا تكون قد أسرفت في حبه فتندم عليه إذا أبغضته أو حبا فلا تكون قد أسرفت في بغضه فتستحي منه إذا أحببته .

قال العراقي: رواه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال: غريب، قلت: رجاله رجال مسلم لكن الراوي تردد في رفعه. اهـ .

قلت: رواه في البر والصلة من طريق سويد بن عمر والكلبي عن حماد عن أيوب عن أبي هريرة، ورواه ابن حيان في الضعفاء بهذا السند وأعله بسويد وقال: يضع المتون الواهية على الأسانيد الصحيحة، وكذا أخرجه البيهقي إلا أنه وهم؛ أي: رفعه وهم، أخرجه الطبراني في الكبير من طريق أبي الصلت عبد السلام الهروي عن جميل بن يزيد عن ابن عمر وجميل، ورواياه ضعيفان .

وأخرجه ابن حبان كذلك، وأعله بجميل، وقال: يروي في فضائل علي وأهله العجائب، لا يحتج به إذا انفرد، وقال الزيلعي: عبد السلام الهروي ضعيف. ورواه الطبراني أيضا من حديث عبد الله بن عمرو، وفيه محمد بن كثير الفهري وهو ضعيف .

وأخرجه الدارقطني في العلل لا يصح رفعه، وقال ابن حبان: رفعه خطأ فاحش .

وأخرجه البخاري في الأدب والبيهقي أيضا عن علي موقوفا، قال الترمذي: هذا هو الصحيح وتبعه ابن طاهر وغيره من الحفاظ، وقد استدرك العراقي على الترمذي، ودعوى غرابته كما ترى، وقال: رجاله رجال مسلم، لكن الراوي تردد في رفعه، فإذا علمت ذلك فاعلم أن أمثل الروايات الأولى. والله أعلم .

(وقال عمر) -رضي الله عنه-: (لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا وهو أن تحب تلف صاحبك مع هلاكه) ولفظ القوت: وروينا عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- معناه: لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا، قال أسلم، يعني راويه، فقلت: وكيف ذلك؟ فقال: إذا أحببت فلا تكلف كما يكلف الصبي بالشيء يحبه، وإذا أبغضت فلا تبغض بغضا تحب أن يتلف صاحبك ويهلك.




الخدمات العلمية