وقال بعض الصوفية : ولا تنقص عنده بإثم يكون ذلك لك ، وعليك وأنت عنده سواء وإنما قال هذا لأن به يتخلص عن التكلف والتحفظ . لا تعاشر من الناس إلا من لا تزيد عنده ببر
وإلا فالطبع يحمله على أن يتحفظ منه إذا علم أن ذلك ينقصه عنده .
. وقال بعضهم : كن مع أبناء الدنيا بالأدب ومع أبناء الآخرة بالعلم ومع العارفين كيف شئت وقال آخر : لا تصحب إلا من يتوب عنك إذا أذنبت يعتذر إليك إذا أسأت ويحمل مؤنة نفسك ويكفيك مؤنة نفسه .
وقائل : هذا قد ضيق طريق الأخوة على الناس وليس الأمر كذلك بل ينبغي أن يواخي كل متدين عاقل ويعزم على أن يقوم بهذه الشرائط ولا يكلف غيره هذه الشروط حتى تكثر إخوانه إذ به يكون مواخيا في الله وإلا كانت مواخاته لحظوظ نفسه فقط .
ولذلك قال رجل للجنيد قد عز الإخوان في هذا الزمان أين أخ لي في الله ؟ فأعرض حتى أعاده ثلاثا فلما أكثر قال له الجنيد إن أردت أخا يكفيك مؤنتك ويحتمل أذاك فهذا لعمري قليل وإن أردت أخا في الله تحمل أنت مؤنته وتصبر على أذاه فعندي جماعة أعرفهم لك فسكت الرجل . الجنيد
واعلم أن الناس ثلاثة : رجل تنتفع بصحبته ، ورجل تقدر على أن تنفعه ولا تضرر به ولكن لا تنتفع به .
ورجل لا تقدر أيضا على أن تنفعه وتضرر به وهو الأحمق أو السيئ الخلق فهذا الثالث ينبغي أن تتجنبه فأما الثاني فلا تجتنبه لأنك تنتفع في الآخرة بشفاعته وبدعائه وبثوابك على القيام به وقد أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن : أطعتني فما أكثر إخوانك ! أي : إن واسيتهم واحتملت منهم ولم تحسدهم وقد قال بعضهم : صحبت الناس خمسين سنة فما وقع بيني وبينهم خلاف فإني كنت معهم على نفسي ومن كانت هذه شيمته كثر إخوانه .