وتفاوت درجات الصداقة لا يخفى بحكم المشاهدة والتجربة ، فأما كون الخلة فوق الأخوة فمعناه أن لفظ الخلة عبارة عن حالة هي أتم من الأخوة وتعرفه ، من قوله صلى الله عليه وسلم : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله .
إذا الخليل هو الذي يتخلل الحب جميع أجزاء قلبه ظاهرا وباطنا ويستوعبه ولم يستوعب قلبه عليه السلام سوى حب الله وقد منعته الخلة عن الاشتراك فيه مع أنه اتخذ عليا رضي الله عنه أخا ، فقال : علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة .
فعدل بعلي عن النبوة كما عدل بأبي بكر عن الخلة فشارك أبو بكر عليا رضي الله عنهما في الأخوة وزاد عليه بمقاربة الخلة وأهليته لها لو كان للشركة في الخلة مجال فإنه نبه عليه بقوله : لاتخذت أبا بكر خليلا وكان صلى الله عليه وسلم حبيب الله وخليله وقد روي أنه صعد المنبر يوما مستبشرا فرحا فقال : إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فأنا ؛ حبيب الله وأنا خليل الله تعالى .
فإذن ليس قبل المعرفة رابطة ولا بعد الخلة درجة وما سواهما من الدرجات بينهما .


