واعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى فقط بل احتمال الأذى فإن الجار أيضا قد كف أذاه فليس في ذلك قضاء حق ولا يكفي احتمال الأذى بل لا بد من الرفق وإسداء الخير والمعروف إذ يقال : إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيامة فيقول يا رب : سل هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني .
وبلغ ابن المقفع أن جارا له يبيع داره في دين ركبه وكان يجلس في ظل داره ، فقال : ما قمت إذا بحرمة ظل داره إن باعها معدما فدفع إليه ثمن الدار وقال : لا تبعها .
وشكا بعضهم كثرة الفأر في داره ، فقيل له : لو اقتنيت هرا فقال : أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي .


