التي يتعرض الإنسان لها . التخلص بالعزلة عن المعاصي
غالبا بالمخالطة ويسلم منها في الخلوة وهي أربعة : الغيبة والنميمة والرياء والسكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة والأعمال الخبيثة التي يوجبها الحرص على الدنيا .
أما الغيبة فإذا عرفت من كتاب آفات اللسان من ربع المهلكات وجوهها عرفت أن التحرز عنها مع المخالطة عظيم لا ينجو منها إلا الصديقون .
فإن عادة الناس كافة التمضمض بأعراض الناس والتفكه بها والتنفل بحلاوتها وهي طعمتهم ولذتهم وإليها يستروحون من وحشتهم في الخلوة .
فإن خالطتهم ووافقتهم أثمت وتعرضت لسخط الله تعالى وإن سكت كنت شريكا والمستمع أحد المغتابين وإن أنكرت أبغضوك وتركوا ذلك المغتاب واغتابوك فازدادوا غيبة إلى غيبة وربما زادوا على الغيبة وانتهوا إلى الاستخفاف والشتم .
وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو من أصول الدين وهو واجب كما سيأتي بيانه في آخر هذا الربع ومن خالط الناس فلا يخلو عن مشاهدة المنكرات فإن سكت عصى الله به وإن أنكر تعرض لأنواع من الضرر إذ ربما يجره طلب الخلاص عنها إلى معاص هي أكبر مما نهى عنه ابتداء .
وفي العزلة خلاص من هذا ؛ فإن الأمر في إهماله شديد والقيام به شاق .
وقد قام أبو بكر رضي الله عنه خطيبا وقال أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنكم تضعونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب .
وقد قال صلى الله عليه وسلم إن الله ليسأل : العبد حتى يقول له : ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره فإذا لقن الله العبد حجته قال : يا رب رجوتك وخفت الناس .
وهذا إذا خاف من ضرب أو أمر لا يطاق ومعرفة حدود ذلك مشكلة وفيه خطر .
وفي العزلة خلاص وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إثارة للخصومات وتحريك لغوائل الصدور كما قيل:
وكم سقت في آثاركم من نصيحة وقد يستفيد البغضة المتنصح
ومن جرب الأمر بالمعروف ندم عليه غالبا فإنه كجدار مائل يريد الإنسان أن يقيمه فيوشك أن يسقط عليه فإذا سقط عليه يقول يا : ليتني تركته مائلا .نعم لو وجد أعوانا أمسكوا الحائط حتى يحكمه بدعامة لاستقام وأنت اليوم لا تجد الأعوان فدعهم وانج بنفسك .
وأما الرياء فهو الداء العضال الذي يعسر على الأبدال والأوتاد الاحتراز عنه .