وقال ابن سيرين لرجل : كيف حالك ? فقال : وما حال من عليه خمسمائة درهم دينا وهو معيل فدخل ابن سيرين منزله فأخرج له ألف درهم فدفعها إليه وقال : خمسمائة اقض بها دينك وخمسمائة عد بها على نفسك وعيالك ولم يكن عنده غيرها ثم قال : والله لا أسأل أحدا عن حاله أبدا .
وإنما فعل ذلك لأنه خشي أن يكون سؤاله من غير اهتمام بأمره فيكون بذلك مرائيا منافقا .
فقد كان سؤالهم عن أمور الدين وأحوال القلب في معاملة الله وإن سألوا عن أمور الدنيا فعن اهتمام وعزم على القيام بما يظهر لهم من الحاجة .
وقال بعضهم : إني لأعرف أقواما كانوا لا يتلاقون ولو حكم أحدهم على صاحبه بجميع ما يملكه لم يمنعه وأرى الآن أقواما يتلاقون ويتساءلون حتى عن الدجاجة في البيت .
ولو انبسط أحدهم لحبة من مال صاحبه لمنعه ، فهل هذا إلا مجرد الرياء والنفاق وآية ذلك أنك ترى هذا يقول كيف أنت ويقول الآخر كيف أنت فالسائل لا ينتظر الجواب والمسئول يشتغل بالسؤال ولا يجيب وذلك لمعرفتهم بأن ذلك عن رياء وتكلف .
ولعل القلوب لا تخلو عن ضغائن وأحقاد والألسنة تنطق بالسؤال .
قال الحسن إنما كانوا يقولون : السلام عليكم إذا سلمت والله القلوب وأما الآن فكيف أصبحت عافاك الله ? كيف أنت أصلحك الله ? فإن أخذنا بقولهم كانت بدعة لا كرامة فإن شاءوا غضبوا علينا وإن شاءوا لا .
وإنما قال ذلك لأن البداية بقولك كيف أصبحت بدعة .
وقال رجل لأبي بكر بن عياش كيف أصبحت ? فما أجابه .
وقال : دعونا من هذه البدعة .
وقال : إنما حدث هذا في زمان الطاعون الذي كان يدعى طاعون عمواس بالشام من الموت الذريع كان الرجل يلقاه أخوه غدوة فيقول : كيف أصبحت من الطاعون ويلقاه عشية فيقول كيف أمسيت .


