الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفائدة الثانية .

النفع والانتفاع أما الانتفاع بالناس فبالكسب والمعاملة .

وذلك لا يتأتى إلا بالمخالطة والمحتاج إليه مضطر إلى ترك العزلة فيقع في جهاد من المخالطة أن طلب موافقة الشرع فيه كما ذكرناه في كتاب الكسب فإن كان معه مال لو اكتفى به قانعا لأقنعه فالعزلة أفضل له إذا انسدت طرق المكاسب في الأكثر إلى من المعاصي إلا أن يكون غرضه الكسب للصدقة .

فإذا اكتسب من وجهه وتصدق به فهو أفضل من العزلة للاشتغال بالنافلة وليس بأفضل من العزلة للاشتغال بالتحقق في معرفة الله ومعرفة علوم الشرع ولا من الإقبال بكنه الهمة على الله تعالى والتجرد بها لذكر الله أعني من حصل له أنس بمناجاة الله عن كشف وبصيرة لا عن أوهام وخيالات فاسدة .

وأما النفع فهو أن ينفع الناس إما بماله أو ببدنه فيقوم بحاجاتهم على سبيل الحسبة .

ففي النهوض بقضاء حوائج المسلمين ثواب وذلك لا ينال إلا بالمخالطة .

ومن قدر عليها مع القيام بحدود الشرع فهي أفضل له من العزلة إن كان لا يشتغل في عزلته إلا بنوافل الصلوات والأعمال البدنية ، وإن كان ممن انفتح له طريق العمل بالقلب بدوام ذكر أو فكر فذلك لا يعدل به غيره ألبتة .

التالي السابق


(الفائدة الثانية الانتفاع والنفع)

(أما الانتفاع بالناس فبالكسب والمعاملة، وذلك لا يأتي إلا بالمخالطة) مع الناس (والمحتاج إليه مضطر إلى ترك العزلة فيقع في جهاد من المخالطة إن طاب موافقة الشرع) فإنه يقع بذلك في مشقات لا تحصى كما ذكرناه في كتاب الكسب (وإن كان معه مال لو اكتفى به قانعا لأقنعه) وكفاه (فالعزلة أفضل له) من الخلطة (إذا انسدت طرق المكاسب) والأرباح (في الأكثر إلا من المعاصي) أي: لا تتحصل إلا بارتكابها (إلا أن يكون غرضه الكسب للصدقة) وفي نسخة: الصدقة بكسبه (فإذا اكتسب من وجه وتصدق به فهو أفضل من العزلة) التي هي (للاشتغال بالنافلة) الزائدة على المهم (وليس بأفضل من العزلة) التي هي (الاشتغال بالتحقيق) والتحقق (في معرفة الله ومعرفة علوم الشرع) من مواضعها ومداركها (ولا) هو أفضل أيضا (من الإقبال بكنه الهمة على الله) تعالى (والتجرد به لذكر الله) تعالى .

(أعني من حصل له أنس بمناجاة الله) في أثناء مراقباته (عن كشف) حقيقي (وبصيرة) تامة (لا من أوهام) باطلة (وخيالات فاسدة وأما النفع فهو أن ينفع الناس إما بماله) إن كان ذا مال (أو ببدنه) إن كان قويا (فيقوم بحاجتهم) متكفلا بها (على سبيل الحسبة) أي: احتسابا لله تعالى (ففي النهوض) والقيام (بقضاء حوائج المسلمين ثواب) عظيم (وذلك لا ينال إلا بالمخالطة) مع الناس (ومن قدر عليه بحدود الشرع فهو أفضل من العزلة إن كان لا يشتغل في عزلته إلا بنوافل الصلوات والأعمال البدنية، وإن كان ممكن انفتح له طريق العمل بالقلب بدوام ذكر أو فكر) ومراقبة وحفظ أنفاس (فذلك لا يعدل به غيره البتة) فإنه الأشرف والأفضل .




الخدمات العلمية