الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فلنرجع إلى المقصود. فنقول إذا عرفت فوائد العزلة وغوائلها تحققت أن الحكم عليها مطلقا بالتفضيل نفيا وإثباتا خطأ بل ينبغي أن ينظر إلى الشخص وحاله وإلى الخليط وحاله وإلى الباعث على مخالطته وإلى الفائت بسبب مخالطته من هذه الفوائد المذكورة ويقاس الفائت بالحاصل فعند ذلك يتبين الحق ويتضح الأفضل وكلام الشافعي رحمه الله هو فصل الخطاب إذ قال يا يونس الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء فكن بين المنقبض والمنبسط .

فلذلك يجب الاعتدال في المخالطة والعزلة ويختلف ذلك بالأحوال .

وبملاحظة الفوائد والآفات يتبين الأفضل .

هذا هو الحق الصراح وكل ما ذكر سوى هذا فهو قاصر .

وإنما هو إخبار كل واحد عن حالة خاصة هو فيها ولا يجوز أن يحكم بها على غيره والمخالف له في الحال .

التالي السابق


(فلنرجع إلى المقصود. إذا عرفت فوائد العزلة وغوائلها تحققت أن الحكم عليها [ ص: 375 ] مطلقا بالتفصيل نفيا وإثباتا خطأ بل ينبغي أن ينظر إلى الشخص وحاله وإلى الخليط) أي: المخالط له (وإلى الباعث على مخالطته) ماذا (وإلى الفائت بسبب مخالطته) ما هو (من هذه الفوائد المذكورة آنفا ويقاس الفائت بالحاصل) ويوزن بينهما وزنا صحيحا ثم يميز .

(فعند ذلك يتبين الحق ويتضح الأفضل وكما قال الشافعي -رضي الله عنه- وهو فصل الخطاب في هذا) المقام (إذ قال يونس) يعني به يونس بن عبد الأعلى الصدفي المتقدم ذكره قريبا (الانقباض على الناس مكسبة للعداوة والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء فكن بين المنقبض والمنبسط)كذا في القوت، وأخرجه الآبري وأبو نعيم والبيهقي بأسانيدهم في مناقب الشافعي بتقديم الجملة الثانية على الأولى (فلذلك يجب الاعتدال في المخالطة والعزلة ويختلف ذلك بالأحوال) وفي نسخة: باختلاف الأحوال (بملاحظة الفوائد والآفات يتبين الأفضل) من المفضول (وهذا هو الحق الصراح) البين (وكل ما ذكر سوى هذا فهو قاصر) عن درجة الكمال (وإنما هو إخبار كل واحد عن حاله خاصة هي فيه) قد لاحظها فأخبر عنها (فلا يجوز أن يحكم بها على غيره المخالف له في الحال) والمقام .




الخدمات العلمية