الثاني : فلا يخرج وحده فالرفيق ثم الطريق . أن يختار رفيقا
وليكن رفيقه ممن يعينه على الدين فيذكره إذا نسي ويعينه ويساعده إذا ذكر فإن ولا يعرف الرجل إلا برفيقه . المرء على دين خليله
وقد . نهى صلى الله عليه وسلم عن أن يسافر الرجل وحده
وقال : الثلاثة نفر .
وقال أيضا . إذا كنتم ثلاثة في السفر فأمروا أحدكم
وكانوا يفعلون ذلك ويقولون هذا أميرنا : أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وليؤمروا أحسنهم أخلاقا وأرفقهم بالأصحاب وأسرعهم إلى الإيثار وطلب الموافقة .
وإنما يحتاج إلى الأمير لأن الآراء تختلف في تعيين المنازل والطرق ومصالح السفر ولا نظام إلا في الوحدة ولا فساد إلا في الكثرة .
وإنما انتظم أمر العالم ; لأن مدبر الكل واحد لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ومهما كان المدبر واحدا انتظم أمر التدبير .
وإذا كثر المدبرون فسدت الأمور في الحضر والسفر إلا أن مواطن الإقامة لا تخلو عن أمير عام كأمير البلد .
وأمير خاص كرب الدار .
وأما السفر فلا يتعين له أمير إلا بالتأمير .
فلهذا وجب التأمير ليجتمع شتات الآراء .
ثم على الأمير أن لا ينظر إلا لمصلحة القوم وأن يجعل نفسه وقاية لهم كما نقل عن عبد الله المروزي أنه صحبه أبو على الرباطي فقال على أن تكون أنت الأمير أو أنا فقال بل أنت فلم يزل يحمل الزاد لنفسه ولأبي علي على ظهره فأمطرت السماء ذات ليلة فقام عبد الله طول الليل على رأس رفيقه وفي يده كساء يمنع عنه المطر فكلما قال له عبد الله : لا تفعل يقول : ألم تقل إن الإمارة مسلمة لي فلا تتحكم علي ولا ترجع عن قولك ، حتى قال أبو علي : وددت أني مت ولم أقل له أنت الأمير فهكذا ينبغي أن يكون الأمير .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : . خير الأصحاب أربعة
وتخصيص الأربعة من بين سائر الأعداد لا بد أن يكون له فائدة والذي ينقدح فيه أن المسافر لا يخلو عن رجل يحتاج إلى حفظه وعن حاجة يحتاج إلى التردد فيها ولو كانوا ثلاثة لكان المتردد في الحاجة واحدا فيبقى في السفر بلا رفيق فلا يخلو عن خطر وعن ضيق قلب لفقد أنس الرفيق ولو تردد في الحاجة اثنان لكان الحافظ للرحل واحدا فلا يخلو أيضا عن الخطر وعن ضيق الصدر .
فإذن ما دون الأربعة لا يفي بالمقصود وما فوق الأربعة يزيد فلا تجمعهم رابطة واحدة فلا ينعقد بينهم الترافق ; لأن الخامس زيادة بعد الحاجة ومن يستغني عنه لا تنصرف الهمة إليه فلا تتم المرافقة معه .
، نعم في كثرة الرفقاء فائدة للأمن من المخاوف .
ولكن الأربعة خير للرفاقة الخاصة لا للرفاقة العامة .
وكم من رفيق في الطريق عند كثرة الرفاق لا يكلم ولا يخالط إلى آخر الطريق للاستغناء عنه .