الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وإذا قصد زيارة شيخ فلا يقيم عنده أكثر من يوم وليلة .

ولا يشغل نفسه بالعشرة فإن ذلك يقطع بركة سفره .

وكلما دخل بلدا لا يشتغل بشيء سوى زيارة الشيخ بزيارة منزله ، فإن كان في بيته فلا يدق عليه بابه ولا يستأذن عليه إلى أن يخرج فإذا خرج تقدم إليه بأدب فسلم عليه ولا يتكلم بين يديه إلا أن يسأله فإن سأله أجاب بقدر السؤال ولا يسأله عن مسألة ما لم يستأذن أولا .

وإذا كان في السفر فلا يكثر ذكر أطعمة البلدان وأسخيائها ولا ذكر أصدقائه فيها وليذكر مشايخها وفقراءها .

ولا يهمل في سفره زيارة قبور الصالحين بل يتفقدها في كل قرية وبلدة .

ولا يظهر حاجته إلا بقدر الضرورة ومع من يقدر على إزالتها .

التالي السابق


(وإذا قصد زيارة شيخ فلا يقيم عنده أكثر من يوم وليلة ولا يشغل نفسه بالعشرة) ، فإن ذلك يقطع بركة نفسه، قال القشيري في الرسالة: سمعت محمد بن أحمد بن محمد الصوفي يقول: سمعت عبد الله بن علي التميمي يقول: حكي عن محمد بن إسماعيل الفرغاني أنه قال: كنا نسافر مقدار عشرين سنة أنا وأبو بكر الدقاق والكتاني لا نختلط بأحد ولا نعاشر أحدا، فإذا قدمنا بلدا فإن كان فيه شيخ سلمنا عليه وجالسناه إلى الليل ثم نرجع إلى المسجد فيصلي الكتاني من أول الليل إلى آخره ويختم القرآن، ويجلس الدقاق مستقبل القبلة وكنت أستلقي متفكرا ثم نصبح ونصلي صلاة الفجر على ضوء العتمة، فإذا وقع معنا إنسان ينام كنا نراه أفضل منا .

(وكلما يدخل بلدا لا يشتغل بشيء سوى زيارة الشيخ بزيارة منزله، فإن كان في بيته فلا يدق عليه بابه ولا يستأذن عليه إلى أن يخرج) إلى الصلاة في المسجد، (فإذا خرج يتقدم إليه بأدب) فيسلم عليه. وقال صاحب القوت في آخر كتاب العلم: وأما العلماء فقد كان من الناس من لا يستأذن عليهم إلا لمهم لا بد منه بل كانوا يقعدون على أبوابهم أو مساجدهم ينتظرون خروجهم لأوقات الصلاة إجلالا للعلم وهيبة للعلماء. حدثونا عن أبي عبيد قال: ما قرعت على عالم قط بابه كنت أجيء إلى منزله فأقعد على بابه أنتظر خروجه من قبل نفسه أتأول قول الله تعالى: ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم وقد روينا مثل هذا عن ابن عباس كان في موضع من العلم والشرف، وإن المار كان يمر به وهو قائم على منزل الرجل من الأنصار تسفي عليه الرياح فيقول ما يجلسك هنا يا ابن عم رسول الله؟ فيقول: أنتظر خروج صاحب المنزل، وقد تقدم هذا الأثر في كتاب العلم .

(ولا يتكلم بين يديه إلا أن يسأله) عن مقدمه مثلا وما الذي أقدمه المنزل، (فإن سأله أجاب بقدر السؤال) ولا يزيد (ولا يسأله عن مسألة ما لم يستأذن أولا) ، وإلا كان سببا لتغير خاطره عليه فيمقت في الحال (وإذا كان في السفر فلا يكثر ذكر أطعمة البلدان وأسخيائها ولا) ذكر (أصدقائه فيها) ، فإن ذلك يدل على شره وحرص وتعريف لحاله، (وليذكر مشايخها وفقراءها) وعبادها فإن عند ذكرهم تتنزل الرحمات (ولا يهمل في سفره زيارة قبور الصالحين) ومشاهدهم (بل يتفقدها في كل قرية وبلدة) ينزل فيها، فإنها مظنة البركة، (ولا يظهر حاجته) لأحد (إلا بقدر الضرورة) إن دعت (ومع من يقدر على إزالتها) كما قال الشاعر:


ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة يواسيك أو يسليك أو يتوجع






الخدمات العلمية