وأما فيدل عليه الكتاب والسنة وفعل الصحابة رضي الله عنهم والقياس . الاكتفاء بالجهة عند تعذر المعاينة
أما الكتاب فقوله تعالى وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره أي : نحوه .
ومن قابل جهة الكعبة يقال : قد ولى وجهه شطرها .
وأما السنة فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لأهل المدينة : ما بين المغرب والمشرق قبلة. . قال
والمغرب يقع على يمين أهل المدينة والمشرق على يسارهم .
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع ما يقع بينهما قبلة ومساحة الكعبة لا تفي بما بين المشرق والمغرب ، وإنما يفي بذلك جهتها .
وروي هذا اللفظ أيضا عن وابنه رضي الله عنهما . عمر
وأما فعل الصحابة رضي الله عنهم فما روي مسجد قباء كانوا في صلاة الصبح بالمدينة مستقبلين لبيت المقدس مستدبرين الكعبة ; لأن المدينة بينهما ، فقيل لهم الآن : قد حولت القبلة إلى الكعبة . أن
فاستداروا في أثناء الصلاة من غير طلب دلالة .
ولم ينكر عليهم .
وسمي مسجدهم ذا القبلتين ومقابلة العين من المدينة إلى مكة لا تعرف إلا بأدلة هندسية يطول النظر فيها فكيف أدركوا ذلك على البديهة في أثناء الصلاة وفي ظلمة الليل ويدل أيضا من فعلهم أنهم بنوا المساجد حوالي مكة وفي سائر بلاد الإسلام ولم يحضروا قط مهندسا عند تسوية المحاريب ومقابلة العين لا تدرك إلا بدقيق النظر الهندسي .
وأما القياس فهو أن الحاجة تمس إلى الاستقبال وبناء المساجد في جميع أقطار الأرض ولا يمكن مقابلة العين إلا بعلوم هندسية لم يرد الشرع بالنظر فيها بل ربما يزجر عن التعمق في علمها فكيف ينبني أمر الشرع عليها فيجب الاكتفاء بالجهة للضرورة .