الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وبالجملة لا يخلو صاحب القلب عن وجد عند سماع القرآن ، فإن كان القرآن لا يؤثر فيه أصلا فمثله كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون بل صاحب القلب تؤثر فيه الكلمة من الحكمة يسمعها .

قال جعفر الخلدي دخل رجل من أهل خراسان على الجنيد وعنده جماعة فقال للجنيد متى يستوي عند العبد حامده وذامه ? فقال بعض الشيوخ إذا دخل البيمارستان وقيد بقيدين فقال الجنيد ليس هذا من شأنك ثم أقبل على الرجل وقال إذا تحقق أنه مخلوق فشهق الرجل شهقة ومات .

التالي السابق


(وبالجملة لا يخلو صاحب القلب من وجد عند سماع القرآن، فإن كان القرآن لا يؤثر فيه أصلا فمثله كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) أولئك كالأنعام بل هم أضل، (بل صاحب القلب) المنور (تؤثر فيه الكلمة) الواحدة (من الحكمة) إذا وردت عليه (قال جعفر) بن محمد بن نصير (الخلدي) أبو محمد البغدادي -رحمه الله تعالى- صحب الجنيد وانتهى إليه، وصحب النوري ورويما وسمنونا والطبقة، مات ببغداد سنة 248 ترجمه القشيري في الرسالة، (دخل رجل من أهل خراسان على الجنيد) رحمه الله (وعنده جماعة) من الصوفية (فقال) ذلك الرجل: (متى يستوي عند العبد حامده وذامه؟ فقال بعض الشيوخ) الحاضرين والجنيد ساكت: (إذا دخل البيمارستان) وهو المحل الذي يسكن فيه المرضى وتحبس فيه المجانين (وقيد بقيدين) ، كأنه يشير إلى حالة الفقد فيشبه المجانين، فإنه إذا فقد نفسه استوى عنده المدح والذم والمادح والذام (فقال الجنيد ليس هذا من شأنك) أي: الكلام في هذا ليس من صفتك لأنك لم تكمل بعد وكان سؤال الرجل كان متوجها إلى كل من حضر بالمجلس، ولم يكن خص الجنيد، وإلا كان المبادرة من هذا المجيب مع خطئه عد من سوء أدب المجلس، ( ثم أقبل) الجنيد (على الرجل) السائل (فقال) نعم (إذا تحقق أنه مخلوق) ، ومن تحقق أنه كذلك فالحامد عنده والذام بمنزلة واحدة لكمال شغله بالعبودية، (فشهق الرجل شهقة ومات) ، وكأنه ارتفع عنه عند سماع هذه الكلمة الحجاب الذي كان غطى على حق يقينه، فلما انكشف لم يحتمل، فكان سبب مفارقة الروح منه .




الخدمات العلمية