الأدب الثاني هو : نظر الحاضرين أن ، فإن سمع فليشغلهم بشغل آخر ، والمريد الذي يستضر بالسماع أحد ثلاثة: . الشيخ إذا كان حوله مريدون يضرهم السماع فلا ينبغي أن يسمع في حضورهم
أقلهم درجة .
هو الذي لم يدرك من الطريق إلا الأعمال الظاهرة ولم يكن له ذوق السماع ، فاشتغاله بالسماع اشتغال بما لا يعنيه فإنه ليس من أهل اللهو فيلهو ولا من أهل الذوق فيتنعم بذوق السماع فليشتغل بذكر أو خدمة وإلا فهو تضييع لزمانه .
الثاني : هو الذي له ذوق السماع ولكن فيه بقية من الحظوظ والالتفات إلى الشهوات والصفات البشرية ، ولم ينكسر بعد انكسارا تؤمن غوائله : فربما يهيج السماع منه داعية اللهو والشهوة فيقطع عليه طريقه ويصده عن الاستكمال .
الثالث : أن يكون قد انكسرت شهوته وأمنت غائلته وانفتحت بصيرته ، واستولى على قلبه حب الله تعالى ، ولكنه لم يحكم ظاهر العلم ولم يعرف أسماء الله تعالى وصفاته ، وما يجوز عليه ، وما يستحيل ، فإذا فتح له باب السماع نزل المسموع في حق الله تعالى على ما يجوز وما لا يجوز فيكون ضرره من تلك الخواطر التي هي كفر أعظم من نفع السماع .
قال سهل رحمه الله . كل وجد لا يشهد له الكتاب والسنة فهو باطل
فلا يصلح السماع لمثل هذا ، ولا لمن قلبه بعد ملوث بحب الدنيا وحب المحمدة والثناء ، ولا لمن يسمع لأجل التلذذ والاستطابة بالطبع فيصير ذلك عادة له ويشغله ذلك عن عبادته ومراعاة قلبه ، وينقطع عليه طريقه .
فالسماع مزلة قدم يجب حفظ الضعفاء عنه .
قال الجنيد رأيت إبليس في النوم فقلت له : هل تظفر من أصحابنا بشيء ? قال : نعم ، في وقتين : وقت السماع ، ووقت النظر ، فإني أدخل عليهم به .
فقال بعض الشيوخ لو رأيته أنا لقلت له ما أحمقك من سمع منه إذا سمع ونظر إليه إذا نظر ، كيف تظفر به فقال الجنيد : صدقت .