الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فإن مال قلب موسوس عن الاعتدال ووجد الحزازة فأقدم مع ما يجد في قلبه ، فذلك يضره ; لأنه مأخوذ في حق نفسه بينه وبين الله تعالى بفتوى قلبه .

وكذلك يشدد على الموسوس في الطهارة ونية الصلاة فإنه إذا غلب على قلبه أن الماء لم يصل إلى جميع أجزائه بثلاث مرات لغلبة الوسوسة عليه ، فيجب عليه أن يستعمل الرابعة ، وصار ذلك حكما في حقه وإن كان مخطئا في نفسه أولئك قوم شددوا فشدد الله عليهم ولذلك شدد على قوم موسى عليه السلام لما استقصوا في السؤال عن البقرة ولو أخذوا أولا بعموم لفظ البقرة ، وكل ما ينطلق عليه الاسم لأجزأهم ذلك .

فلا تغفل عن هذه الدقائق التي رددناها نفيا وإثباتا ، فإن من لا يطلع على كنه الكلام ولا يحيط بمجامعه يوشك أن يزل في درك مقاصده .

التالي السابق


(فإن مال قلب موسوس عن الاعتدال ووجد الحزازة ) فيه، (فأقدم) على شيء (مع ما يجده في قلبه، فذلك أيضا يضره; لأنه مأخوذ في حق نفسه فيما بينه وبين الله في فتوى قلبه، ولذلك يشتد على الموسوس أمر الطهارة ) في الوضوء والغسل والاستنجاء، (ونية الصلاة) وغيرها، (فإنه إذا غلب على قلبه أن الماء لم يصل إلى جميع أجزاء بدنه بثلاث مرات) في الاغتسال (لغلبة الوسوسة عليه، فيجب عليه أن يستعمل) الإفاضة (الرابعة، وصار ذلك حكما في حقه) معتبرا، (وإن كان مخطئا في نفسه) ، فلا يعول على هذا القلب الذي ينفر عن كل شيء كما لا يعول على الشره المستأهل الذي يطمئن إلى كل شيء كما سيأتي ذلك قبل الباب الثالث .

(وأولئك قوم شددوا) على أنفسهم (فشدد الله عليهم) ، فمن شدد شدد عليه، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، كما ورد ذلك في الصحيح، (ولذلك شدد على) بني إسرائيل من (أصحاب موسى عليه السلام لما استقصوا في السؤال عن البقرة) التي أمروا بذبحها فشدد عليهم أمرها، (ولو أخذوا أولا بعموم لفظ البقرة، وكل ما ينطلق عليه الاسم) سوداء كانت أو صفراء، فتية كانت أو عوانا، (لأجزأ) ، وقصتها مذكورة في القرآن، فلا نطيل بذكرها، (فلا يغفل عن هذه الدقائق التي أوردناها) أي: ذكرناها مكررة (نفيا وإثباتا، فإن من لا يطلع على كنه الكلام) أي: حقيقته ونهايته، (ولا يحيط بمجامعه يوشك) أي: يقرب (أن يزل) بقدمه (في درك مقاصده) المطلوبة أي: إدراكها .




الخدمات العلمية