الباب الرابع في كيفية . خروج التائب عن المظالم المالية
اعلم أن من تاب وفي يده مختلط فعليه وظيفة في تمييز الحرام وإخراجه ، ووظيفة أخرى في مصرف المخرج فلينظر فيهما .
النظر الأول في كيفية التمييز والإخراج .
اعلم أن كل من غصب أو وديعة أو غيره ، فأمره سهل ، فعليه تمييز الحرام وإن كان ملتبسا مختلطا فلا يخلو إما أن يكون في مال هو من ذوات الأمثال كالحبوب والنقود والأدهان وإما أن يكون في أعيان متمايزة كالعبيد والدور والثياب . من تاب وفي يده ما هو حرام معلوم العين
فإن كان في المتماثلات أو كان شائعا في كله كمن اكتسب المال بتجارة يعلم أنه قد كذب في بعضها في المرابحة وصدق في بعضها أو من غصب دهنا وخلطه بدهن نفسه ، أو فعل ذلك في الحبوب أو الدراهم ، والدنانير ، فلا يخلو ذلك إما أن يكون معلوم القدر ، أو مجهولا ، فإن كان معلوم القدر مثل أن يعلم أن قدر النصف من جملة ماله حرام ، فعليه تمييز النصف وإن أشكل فله طريقان أحدهما الأخذ باليقين والآخر الأخذ بغالب الظن ، وكلاهما قد قال به العلماء في اشتباه ركعات الصلاة ونحن لا نجوز في الصلاة إلا الأخذ باليقين فإن ; الأصل اشتغال الذمة فيستصحب ولا يغير إلا بعلامة قوية ، وليس في أعداد الركعات علامات يوثق بها وأما ههنا ، فلا يمكن أن يقال : الأصل أن ما في يده حرام ، بل هو مشكل فيجوز له الأخذ بغالب الظن اجتهادا ، ولكن الورع في الأخذ باليقين فإن أراد الورع فطريق التحري والاجتهاد أن لا يستبقي إلا القدر الذي يتيقن أنه حلال ، وإن أراد الأخذ بالظن ، فطريقه مثلا أن يكون في يده مال تجارة فسد بعضها فيتيقن أن النصف حلال ، وأن الثلث مثلا حرام ويبقى سدس يشك فيه فيحكم فيه بغالب الظن ، وهكذا طريق التحري في كل مال ، وهو أن يقتطع القدر المتيقن من الجانبين في الحل والحرمة والقدر المتردد فيه إن غلب على ظنه التحريم أخرجه .