فإن قلت : فأقل الدرجات في والإعراض وقطع الرفق والإعانة ، فهل يجب ذلك حتى يعصي العبد بتركه . إظهار البغض والهجر
فأقول : لا يدخل ذلك في ظاهر العلم تحت التكليف والإيجاب ، فإنا نعلم أن الذين شربوا الخمر وتعاطوا الفواحش في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة ما كانوا يهجرون بالكلية بل كانوا منقسمين فيهم إلى من يغلظ القول عليه ويظهر البعض له وإلى من يعرض عنه ولا يتعرض له ، وإلى من ينظر إليه بعين الرحمة ولا يؤثر المقاطعة والتباعد .
فهذه دقائق دينية تختلف فيها طرق السالكين لطريق الآخرة ويكون عمل كل واحد على ما يقتضيه حاله ووقته ومقتضى الأحوال في هذه الأمور إما مكروهة أو مندوبة ، فتكون في رتبة الفضائل ولا تنتهي إلى التحريم والإيجاب ، فإن الداخل تحت التكليف أصل المعرفة لله تعالى وأصل الحب وذلك قد لا يتعدى من المحبوب إلى غيره ، وإنما المتعدي إفراط الحب واستيلاؤه ، وذلك لا يدخل في الفتوى وتحت ظاهر التكليف في حق عوام الخلق أصلا .
بيان مراتب الذين يبغضون في الله وكيفية معاملتهم .