الثاني . المبتدع الذي يدعو إلى بدعته
فإن كانت البدعة بحيث يكفر بها فأمره أشد من الذمي لأنه لا يقر بجزية ولا يسامح بعقد ذمة وإن كان ممن لا يكفر به فأمره بينه وبين الله أخف من أمر الكافر لا محالة ولكن الأمر في الإنكار عليه أشد منه على الكافر ؛ لأن شر الكافر غير متعد فإن المسلمين اعتقدوا كفره فلا يلتفتون إلى قوله ؛ إذ لا يدعي لنفسه الإسلام واعتقاد الحق .
أما المبتدع الذي يدعو إلى البدعة ويزعم أن ما يدعو إليه حق فهو سبب لغواية الخلق فشره متعد ، فالاستحباب في إظهار بغضه ومعاداته والانقطاع عنه وتحقيره والتشنيع عليه ببدعته وتنفير الناس عنه أشد وإن سلم في خلوة فلا بأس برد جوابه وإن علمت أن الإعراض عنه والسكوت عن جوابه يقبح في نفسه بدعته ويؤثر في زجره فترك الجواب أولى لأن جواب الإسلام وإن كان واجبا فيسقط بأدنى غرض فيه مصلحة حتى يسقط بكون الإنسان في الحمام أو في قضاء حاجته وغرض الزجر أهم من هذه الأغراض وإن كان في ملأ فترك الجواب أولى تنفيرا للناس عنه وتقبيحا لبدعته في أعينهم وكذلك الأولى كف الإحسان إليه والإعانة له لا سيما فيما يظهر للخلق ، قال عليه السلام : " من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا ، ومن أهان صاحب بدعة أمنه الله يوم الفزع الأكبر من ، ألان له وأكرمه أو لقيه ببشر فقد استخف بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم .
" .