الفائدة الثالثة .
وصيانة الدين والنفس عن الخوض فيها والتعرض لأخطارها وقلما تخلو البلاد عن تعصبات وفتن وخصومات فالمعتزل عنهم في سلامة منها . الخلاص من الفتن والخصومات
قال لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتن ووصفها وقال إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قلت: فما : تأمرني ؟ فقال : الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر الخاصة ودع عنك أمر العامة . عبد الله بن عمرو بن العاص
وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال : يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن من شاهق إلى شاهق . أبو سعيد الخدري
وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال : سيأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ومن شاهق إلى شاهق ومن جحر إلى جحر كالثعلب الذي يروغ ، قيل له : ومتى ذلك يا رسول الله ? قال : إذا لم تنل المعيشة إلا بمعاصي الله؛ تعالى فإذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة ، قالوا : وكيف يا رسول الله وقد أمرتنا بالتزويج ? قال : إذا كان ذلك الزمان كان هلاك الرجل على يد أبويه ، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده ، فإن لم يكن فعلى يدي قرابته ، قالوا : وكيف ذلك يا رسول الله ? قال : يعيرونه بضيق اليد فيتكلف ما لا يطيق حتى يورده ذلك موارد الهلكة . عبد الله بن مسعود
وهذا الحديث وإن كان في العزوبة فالعزلة مفهومة منه ؛ إذ لا يستغني المتأهل عن المعيشة والمخالطة ثم لا ينال المعيشة إلا بمعصية الله تعالى ولست أقول هذا أو أن ذلك الزمان؛ فلقد كان هذا بأعصار قبل هذا العصر ولأجله قال سفيان والله لقد حلت العزلة .
وقال رضي الله عنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الفتنة وأيام الهرج قلت وما : الهرج قال : حين لا يأمن الرجل جليسه قلت : فبم تأمرني إن أدركت ذلك الزمان ? قال : كف نفسك ويدك وادخل دارك قال : قلت : يا رسول الله أرأيت إن دخل علي داري ? قال فادخل بيتك قلت: فإن : دخل علي بيتي ? قال : فادخل مسجدك واصنع هكذا وقبض على الكوع وقل ربي الله حتى تموت . ابن مسعود
وقال سعد لما دعي إلى الخروج أيام : لا إلا أن تعطوني سيفا له عينان بصيرتان ولسان ينطق بالكافر فأقتله وبالمؤمن فأكف عنه ، وقال : مثلنا ومثلكم كمثل قوم كانوا على محجة بيضاء فبينما هم كذلك يسيرون إذ هاجت ريح عجاجة فضلوا الطريق فالتبس عليهم فقال بعضهم : الطريق ذات اليمين فأخذوا فيها فتاهوا وضلوا وقال بعضهم : ذات الشمال فأخذوا فيها فتاهوا وضلوا ، وأناخ آخرون وتوقفوا حتى ذهبت الريح وتبينت الطريق فسافروا . معاوية
فاعتزل سعد وجماعة معه فارقوا الفتن ولم يخالطوا إلا بعد زوال الفتن .