وقال الشافعي رحمه الله: ليس : من أحد إلا وله محب ومبغض فإذا كان هكذا فكن مع أهل طاعة الله وقيل للحسن : يا أبا سعيد إن قوما يحضرون مجلسك ليس بغيتهم إلا تتبع سقطات كلامك وتعنيتك بالسؤال فتبسم وقال للقائل : هون على نفسك فإني حدثت نفسي بسكنى الجنان ومجاورة الرحمن فطمعت وما حدثت نفسي بالسلامة من الناس لأني قد علمت أن خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم لم يسلم منهم .
وقال موسى عليه السلام يا رب احبس عني ألسنة الناس فقال يا موسى هذا شيء لم اصطفه نفسي فكيف أفعله بك ؟! وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى عزير إن لم تطب نفسا بأني أجعلك علكا في أفواه الماضغين لم أكتبك عندي من المتواضعين .
فإذن من حبس نفسه في البيت ليحسن اعتقادات الناس وأقوالهم فيه فهو في عناء حاضر في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون فإذن لا تستحب العزلة إلا لمستغرق الأوقات بربه ذكرا وفكرا وعبادة وعلما بحيث لو خالطه الناس لضاعت أوقاته وكثرت آفاته ولتشوشت عليه عباداته .
فهذه غوائل خفية في اختيار العزلة ينبغي أن تتقي فإنها مهلكات في صور منجيات .


