إسلام ويب - إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين - ربع العادات - كتاب آداب الصحبة الأخوة والمعاشرة مع أصناف الخلق - الباب الثالث في حق المسلم والرحم والجوار والملك - حقوق الجوار- الجزء رقم6
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وجملة nindex.php?page=treesubj&link=18086حق الجار أن يبدأه بالسلام ، ولا يطيل معه الكلام ، ولا يكثر عن حاله السؤال ، ويعوده في المرض ، ويعزيه في المصيبة ، ويقوم معه في العزاء ، ويهنئه في الفرح ، ويظهر الشركة في السرور معه ، ويصفح عن زلاته ولا يتطلع من السطح إلى عوراته ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره ولا في مصب الماء في ميزابه ، ولا في مطرح التراب في فنائه ولا يضيق طرقه إلى الدار ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره ، ويستر ما ينكشف له من عوراته وينعشه من صرعته إذا نابته نائبة ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته ولا يسمع عليه كلاما ويغض بصره عن حرمته ولا يديم النظر إلى خادمته ويتلطف بولده في كلمته ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه .
هذا إلى جملة الحقوق التي ذكرناها لعامة المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم : أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استنصرك نصرته وإن استقرضك أقرضته وإن افتقر عدت عليه وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير هنأته وإن أصابته مصيبة عزيته ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه وإذا اشتريت فاكهة فأهد له ، فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها ثم قال أتدرون ما حق الجار ؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله .
. هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=hadith&LINKID=912705كنت عند nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر وغلام له يسلخ شاة ، فقال : يا غلام ، إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي ، حتى قال ذلك مرارا ، فقال له كم : تقول هذا ؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه .
وقال هشام كان الحسن لا يرى بأسا أن تطعم الجار اليهودي والنصراني من أضحيتك وقال nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر رضي الله عنه .
nindex.php?page=hadith&LINKID=701262أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم وقال : إذا طبخت قدرا فأكثر ماءها ثم انظر بعض أهل بيت في جيرانك فاغرف لهم منها .
وقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها : قلت يا رسول الله : إن لي جارين أحدهما مقبل على بابه والآخر ناء ببابه عني وربما كان الذي عندي لا يسعهما فأيهما أعظم حقا ؟ فقال : المقبل عليك ببابه .
ورأى الصديق ولده عبد الرحمن وهو يناصي جارا له ، فقال : لا تناص جارك فإن هذا يبقى والناس يذهبون .
وقال الحسن بن عيسى النيسابوري سألت nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك فقلت : الرجل المجاور يأتيني فيشكو غلامي أنه أتى إليه أمرا والغلام ينكره فأكره أن أضربه ولعله بريء وأكره أن أدعه فيجد علي جاري فكيف أصنع قال ؟ : إن غلامك لعله أن يحدث حدثا يستوجب فيه الأدب فاحفظه عليه فإذا شكاه جارك فأدبه على ذلك الحدث فتكون قد أرضيت جارك وأدبته على ذلك الحدث ، وهذا تلطف في الجمع بين الحقين .
(وجملة nindex.php?page=treesubj&link=18086حق الجار أن يبتدئه بالسلام، ولا يطيل معه الكلام، ولا يكثر عن حاله السؤال، ويعوده في المرض، ويعزيه في المصيبة، ويقوم معه في العزاء، ويهنئه في الفرح، ويظهر الشركة في السرور معه، ويصفح عن زلاته ولا يطلع) وفي نسخة: ولا يتطلع (من السطح إلى عوراته ولا يضايقه في وضع الجذوع) أي: الخشبة (على جداره ولا في مصب الماء من ميزابه، ولا في مطرح التراب من فنائه) أي: حوالي داره؛ فإن كل ذلك من جملة المرافق (ولا يضيق طريقه إلى الدار ولا يتبعه بالنظر فيما يحمله إلى داره، ويستر ما ينكشف له من عوراته وينعشه من صرعته إذا نابته نائبة) أي: حدث به حادثة (ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته) بل يحوطها (ولا يسمع عليه كلاما) [ ص: 308 ] وفي نسخة: ولا يستمع عليه كلامه (ويغض بصره عن حرمه ولا يديم النظر إلى خادمه) خصوصا إذا كان مقبول الذات (ويتلطف لولده في كلمته) وفي نسخة: لولده (ويرشده إلى ما جهله من أمور دينه ودنياه) مما تناط به المصالح (هذا إلى جملة الحقوق التي ذكرناها للمسلمين عامة) قال ابن أبي جمرة: والذي يشمل الجميع إرادته الخير له وموعظته بالحسنى والدعاء له بالهداية وترك الأذى والإضرار مع اختلاف أنواعه حسيا كان أو معنويا إلا في الموضع الذي يجب فيه الإضرار بالقول أو الفعل، فإن كان كافرا يعظه بغرض الإسلام عليه وإظهار محاسنه برفق والترغيب فيه، فيعظ الفاسق بما يناسبه أيضا ويستر عليه زلله عن غيره وينهاه برفق، فإن أفاد وإلا هجره قاصدا تأديبه مع إعلامه بالسبب ليكف .
(وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: أتدرون ما حق الجار) على الجار (إن استعان بك أعنته وإن استقرضك) أي: طلب منك أن تقرضه شيئا (أقرضته) إن تيسر معك (وإن افتقر عدت عليه) وفي نسخة: جدت (وإن مرض عدته وإن مات اتبعت جنازته) إلى المصلى ثم إلى القبر (وإن أصابه خير هنأته) به (وإن أصابه مصيبة) في نفس أو مال أو أهل (عزيته) بما ورد في السنة من المأثور (ولا تستطيل عليه بالبناء) رفعا يضره أشار به لقوله (فتحجب عنه) ونسخة: فتحجز أي: تمنع عنه (الريح) أو الضوء، فإن خلا عن الضرر جاز إلا لذمي على nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم (إلا بإذنه وإن اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، ولا تؤذه بقتار) بالضم أي: ريح (قدرك) أي: طعامك الذي تطبخه في القدر؛ فأطلق الظرف وأراد المظروف (إلا أن تغرف له منها) شيئا يهدى مثله عرفا، فلا تجعل سنة القيام بحقه بقليل محتقر لا يقع موقعا عن كفايته، كما يدل له قوله في رواية أخرى: "فأصبهم منها بمعروف" إذ هو ظاهر في أن المراد شيء يهدى مثله عادة، ذكره العلائي .
(أتدرون ما حق الجار؟ والذي نفس محمد بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله. هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي المدني يكنى أبا إبراهيم، وقيل: أبا عبد الله، نزل الطائف ومكة، روى (عن أبيه) شعيب (عن جده) nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص، أما عمرو فأكثر رواياته عن أبيه .
وروى أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=10718الربيع بنت معوذ nindex.php?page=showalam&ids=170وزينب بنت أبي سلمة nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب في آخرين، وعنه nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار وعطاء وداود وابن أبي هند وابن جريح nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وخلق كثير، ووثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، واختلف فيه قول يحيى بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: ليس بحجة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي: رواه عنه أئمة الناس إلا أن أحاديثه عن أبيه عن جده مع احتمالهم إياه لم يدخلوها في صحاح ما خرجوا، وقالوا: هي صحيفة مات بالطائف سنة ثماني عشرة ومائة. وأما والده شعيب فقد روى عن جده عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وغيرهم، روى عنه ابناه عمرو nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=15603وثابت البناني nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني وغيرهم .
ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في كتاب الثقات، وقال: لا يصح له سماع من nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهم أنه سمع منه وهو الصواب، وأما أبوه محمد بن عبد الله؛ فإنه روى عن أبيه وعنه ابنه شعيب وحكيم بن الحارث معا، وليس مرادا هنا، فإن ضمير "عن جده" راجع إلى شعيب وهو أقرب مذكور، ومن هنا سبب الاختلاف ودخول الشبه في روايات عمرو، وأما جده عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم القرشي؛ فإنه صحابي مشهور وابن صحابي يكنى أبا محمد، أسلم قبل أبيه وكان بينه وبين أبيه في السن اثنتا عشرة سنة .
(عن النبي -صلى الله عليه وسلم-) وعن أبيه وعن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر وغيرهم وعنه ابنه محمد وحفيده شعيب وأبو أمامة بن سهل nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب وأبو سلمة وآخرون توفي ليالي الحرة، وكانت سنة ثلاث وستين، مات بمصر، وقيل: بفلسطين، وقيل: بمكة، وقيل: بالمدينة، وقيل: بالطائف.
وقال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=14203الخرائطي في مكارم الأخلاق nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي في الكامل وهو ضعيف اهـ .
قلت: رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير من حديث بهز بن حكيم بن معاوية ابن صيدة عن أبيه عن جده قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=846867سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، ما حق جاري علي؟ قال: nindex.php?page=treesubj&link=18092_18091حق الجار إن مرض عدته، وإن مات شيعته وإن استقرضك أقرضته، وإن اعور سترته وإن أصابه خير هنأته [ ص: 309 ] وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا ترفع بناءك فوق بنائه فتسد عليه الريح، ولا تؤذه بريح قدرك إلا أن تغرف له منها.
قال الهيثمي: فيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف، وقال العلائي: فيه nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش ضعيف، لكن ليس العهدة فيه عليه بل على شيخه أبي بكر الهذلي فإنه أحد المتروكين، وقال الحافظ: هذا الحديث روي بأسانيد واهية لكن اختلاف مخرجيها يشعر بأن للحديث أصلا .
(قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد) التابعي -رحمه الله- nindex.php?page=hadith&LINKID=912705 (وكنت عند nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وغلام له يسلخ شاة، فقال: يا غلام، إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي، حتى قال ذلك مرارا، فقال له: لم تقول هذا؟ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يزل يوصينا بالجار حتى حسبنا أنه سيورثه) .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وقال: حسن غريب اهـ .
قلت: ولفظ أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عند القسمة وغلامه يسلخ شاة فقال: ابدأ بجارنا اليهودي، ثم قالها مرة فمرة، فقيل له: لم تذكر اليهودي؟ فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فذكره .
(وقال هشام) بن حسان الأزدي القروسي أبو عبد الله البصري: ثقة ثبت، روى عن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين، مات سنة سبع وأربعين (كان الحسن) يعني البصري (لا يرى بأسا أن nindex.php?page=treesubj&link=18118_18105يطعم الجار اليهودي والنصراني من أضحيته) وفي نسخة: "أن تطعم من أضحيتك" وقال مالك: يكره أن يطعم منها يهوديا أو نصرانيا (وقال nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر) الغفاري -رضي الله عنه-: nindex.php?page=hadith&LINKID=701262 (أوصاني خليلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: إذا طبخت قدرا فأكثر ماءها ثم انظر بعض أهل البيت من جيرانك فاغرف لهم منها) .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، قلت: وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في المصنف من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: nindex.php?page=hadith&LINKID=701262nindex.php?page=treesubj&link=18105 "إذا طبختم اللحم فأكثروا المرق؛ فإنه أوسع وأبلغ للجيران".
(وقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها-: قلت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن لي جارين أحدهما مقبل ببابه والآخر ناء) أي: بعيد (ببابه عني وربما كان الذي عندي لا يسعهما) أي: لا يكفيهما (فأيهما أعظم حقا؟ فقال: المقبل عليك ببابه) .
قال العراقي: رواه البخاري .
(ورأى) أبو بكر (الصديق -رضي الله عنه- ولده عبد الرحمن) شقيق nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، تأخر إسلامه إلى قبيل الفتح، وشهد اليمامة والفتوح، ومات سنة ثلاث وخمسين في طريق مكة فجأة، وقيل: بعد ذلك (وهو يناصي) أي: يخاصم (جاره، فقال: لا تناص جارك) أي: لا تخاصمه (فإن هذا يبقى والناس يذهبون، وقال الحسن بن عيسى) بن ماسرجس الماسرجسي أبو علي (النيسابوري) مولى nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في كتاب الثقات، ولم يزل من عقبه بنيسابور فقهاء ومحدثون، مات سنة تسع وثلاثين ومائتين، روى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود (سألت nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك، قلت: الرجل المجاور) لي (يأتيني فيشكو غلامي أنه أتى إليه أمرا والغلام ينكرها فأكره أن أضربه) أي: لإنكاره (ولعله بريء) مما ينسبه إليه (وأكره أن أدعه) أي: أتركه (فيجده علي جاري) أي: يأخذ في نفسه حيث إني لم أضربه (فكيف أصنع؟ فقال: إن غلامك لعله أن يحدث حدثا فيستوجب به الأدب فاحفظ عليه) ذلك، وفي نسخة فاحفظه عليه (فإذا اشتكاه جارك فأدبه على ذلك الحدث فيكون قد أرضيت جارك وأدبته على ذلك الحدث، وهذا تلطف في الجمع بين الحقين) حق الجار وحق الملك .